نفّذت السلطات الباكستانية أمس، حكم الإعدام شنقاً في حق رجل دين أدين باغتيال حاكم إقليم البنجاب بسبب تأييد الأخير مراجعة قانون مثير للجدل يجرم التجديف، في خطوة أثارت غضب الأوساط المحافظة ويخشى أن تتطور الى أعمال عنف. وكان إسلاميون وصفوا ممتاز قادري ب «البطل» بعد قتله سلمان تاسير في العام 2011. ونفّذ قادري الجريمة بعد إعلان تاسير تأييده مراجعة قانون تجريم التجديف، الذي تدافع عنه الدوائر المحافظة في باكستان. وقال المسؤول البارز في الشرطة المحلية ساجد غوندال: «أؤكد أن قادري أُعدم شنقاً صباح الاثنين في سجن أدياليا» في راولبندي، المدينة القريبة من إسلام آباد. وعززت السلطات الوجود الأمني في راولبندي، فيما تجمع مئات الأشخاص في محيط منزل قادري حيث نقلت جثته. وأفاد مراسل بانتشار حوالى 50 عنصراً من قوات الأمن وسيارات إسعاف وعشرات آليات الشرطة في المكان. كما أُغلقت طرق عدة في العاصمة إسلام آباد، ما تسبب في حالة من الفوضى في حركة المرور خلال ساعة الذروة. وأُغلق بعض المدارس في العاصمة وراولبندي أبوابه. كما أُغلقت المنافذ الى المبنى الذي يوجد فيه منزل قادري، وتم نشر قوات خاصة على سطح المبنى المذكور، فيما بدأت المساجد القريبة بإعلان خبر الإعدام عبر مآذنها. أما داخل المنزل، فعلا صوت النحيب، في وقت بدأت النسوة بإنشاد القصائد الدينية. وقال شقيق قادري، مالك عابد، وعيناه مغرورقتان بالدموع: «لا أشعر بأي ندم». وأشار إلى أن العائلة دُعيت إلى السجن ليلة الأحد، بحجة أن قادري ليس على ما يرام. لكن الأخير أبلغهم بعد ذلك بأن السلطات قد غررت بهم، وأن الأمر يتعلق باجتماعهم للمرة الأخيرة قبل إعدامه. وقال عابد: «أجهشنا بالبكاء، لكنه شدّ على أيدينا وصاح الله أكبر». وقال غوندال: «عززنا الأمن في راولبندي للحفاظ على النظام والتعامل مع أي وضع سيئ». وفي مدينة كراتشي الساحلية، أغلق محتجون طرقاً رئيسية وأجبروا محطات للوقود على إغلاق أبوابها. وعززت الشرطة الوجود الأمني أيضاً في لاهور، ثاني أكبر مدن البلاد. ولم تتحرّك الأوساط الإسلامية على الفور بعد إعلان تنفيذ حكم الإعدام، إلا أن عدداً من الباكستانيين رحب بخطوة السلطات على موقع «تويتر». وكتب أحد المستخدمين تحت اسم عمار زيدي: «بئس المصير، لقد تم إحقاق العدالة»، فيما اعتبر آخر ويدعى بابار جهانغير، أن الإعدام هو «يوم عظيم في تاريخ باكستان». وكان قادري شرطياً مكلفاً بحماية تاسير، واعترف بأنه أطلق 28 رصاصة على الحاكم في وسط إسلام آباد، ما جعله «بطلاً» في نظر إسلاميين ومحامين لم يتوانوا عن رشّه بالزهور لدى اقتياده إلى المحكمة للمرة الأولى. واعتبر محاموه أن سلمان تاسير، بانتقاده قانون التجديف، بات هو نفسه مذنباً بالتجديف، ما جعله عرضة لعقوبة الإعدام، وهي حجة رفضتها المحكمة. وكان حاكم البنجاب أعرب أيضاً عن دعمه آسيا بيبي، الفتاة المسيحية المتّهمة بالتجديف. وروّعت جريمة اغتياله طبقة سياسية تخشى المساس بأي مسألة تتعلق بالإسلام، ديانة الدولة الباكستانية. وحكم على ممتاز قادري بالإعدام بتهمتي القتل والإرهاب. لكن في آذار (مارس) 2015، ألغت محكمة عقوبته المتعلّقة بالإرهاب، وبالتالي أرجأت عملية إعدامه إلى أجل غير مسمى. إذ إن تنفيذ عقوبات الإعدام كان يقتصر في تلك الآونة على المدانين بالإرهاب فقط. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أكدت المحكمة العليا حكم الإدانة والعقوبة. وأثار ذلك موجة احتجاجات هدّدت خلالها جماعات إسلامية بقتل أولئك الذين سينفّذون حكم الإعدام في حق قادري. ويعتبر التجديف قضية حساسة للغاية في باكستان. وينصّ القانون على إعدام المدانين بالإساءة إلى الإسلام. وسجلت في الماضي، اعتداءات نفّذها متطرفون وجموع غاضبة في حق أشخاص يُشتبه بإساءتهم الى الإسلام، من دون انتظار حكم المحكمة في حقهم.