في الطائف، عندما «يتضارب» اثنان أو يود مواطن شكوى صاحب دكان، أو العكس، تسمع الأمر «أزهم العسكري» موجهاً للابن أو الصبي، أو حتى للمتفرجين، والعسكري المقصود هو رجل الشرطة. ظهر الجمعة الماضي قام موظفو الخطوط السعودية في مطار الطائف ب «الزهم» على العسكري، لماذا؟ لأن المواطنين، أبناء البلد، عملاءهم المفترضون، تجمهروا على «الكاونتر» وبدأوا في الاحتجاج «السلمي» على قرار المحطة إلغاء سفر 39 راكباً حجزهم مؤكد على الرحلة المتوجهة للرياض. كنت حاضراً ومتجمهراً معهم، والجمهرة التي أتحدث عنها كانت أربعة رجال يسألون موظفي الخطوط عن سبب رغبتهم في إلغاء هذه المقاعد؟ وكان موظفو الكاونتر منزعجين من كثرة استفساراتنا ورغبوا أن ينفذوا «الشختك بختك» في هدوء أكثر بعيداً من إزعاج المواطن الذي لا يفهم في أسرار الطيران، فكان دور عسكري الدورية الذي «زهموه» أن يمنعنا من الاقتراب من الكاونتر. في رأيكم ما المشكلة في مشهد كهذا؟ اننا نسأل أسئلة مشروعة؟ فتأتينا إجابات لا تحترم ذكاءنا، فموظف يخبرك أن الحرارة مرتفعة في الخارج وان الطائرة لن تستطيع الإقلاع بكامل حمولتها، وآخر يقول ان السبب هو قصر المدرج لأن القاعدة العسكرية أخذت جزءاً منه، وثالث يقول كذبة ثالثة، ولا نعرف أين الحقيقة، وركبنا الطائرة ونحن لا نعرف إن كانوا فعلاً ألغوا هذه المقاعد أم انه كان مجرد «استهبال» على الناس. الناس في المقابل بدأوا يتهامسون بنظريات معتادة، أولها أن موظفين الخطوط «لطشوا» المقاعد لأحبابهم وأصحابهم، أو أن أحداً من ذوي النفوذ سيرسل «حاشيته» عاجلاً للرياض، حتى ان أحدهم اعتقد أن وزيراً ما هاتف «الخطوط» على حد تعبيره ليتشفع في تأكيد حجز وفد رسمي. اعرف أن كل ما سبق غير صحيح، كمعرفتي أن منظر تجميع تذاكر الركاب، ثم إصدار بطاقات صعود للطائرة، ومناداة أصحابها لتسلمها من دون إيضاح آلية الاختيار بين الركاب، أو كيفية الفرز، منظر متخلف، وممارسة لا يقبلها الشرع والقانون والعرف النبيل، وكلما سألت أحداً منهم قال: «هم بيشوفون ويعلمونكم». السؤال الذي أوحى به منظر الشرطي وهو يقف بين الكاونتر والناس: الخطوط السعودية هل هي قطاع حكومي أم شركة؟ بدقة أكثر: هذا الموظف الذي أمامنا هل هو موظف حكومي فنسمع ونطيع، أم أنه موظف شركة منحها الاحتكار قوة جبارة فنصبر حتى يكتب الله فرجاً؟ ولمن يتساءل وهو يقرأ أقول انني كنت ممن شملتهم «شرهة» موظفي مطار الطائف وحصلت على بطاقة صعود الطائرة، وأتمنى أن جميع أصحاب الحجز المؤكد حصلوا عليها. [email protected]