بهدوء حذر لا يلفت الأنظار، غادرت قبل ايام عائلة ابو سامي منطقة «الشهداء» جنوب بغداد ذات الغالبية الشيعية، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة واستتباب الأمن، متوقعة أحداثاً في ظل استمرار الفراغ السياسي، وخوفاً من عودة الميليشيات إلى نشاطها الذي بدت بوادره قبل اسابيع قليلة بانتشار لافت لعناصر «جيش المهدي» التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وقال ابو سامي (45 سنة) ل»الحياة»: «ليست المرة الأولى نترك منزلنا بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في بغداد، سبقق لنا ان غادرنا المنطقة لأكثر من سنتين بسبب اعمال العنف الطائفية التي اجتاحت البلاد». وكان الفرز المذهبي بين احياء العاصمة وصل الى مستويات خطيرة بعد تفجير المراقد الشيعية عام 2006 وانتشار الجماعات المسلحة والمليشيات وفرض نفوذها على غالبية احياء بغداد. وأشار ابو سامي الى انه قرر مغادرة منطقة الشهداء «موقتاً على رغم معارضة بعض عائلته» المكونة من خمسة افراد بسبب الأنباء التي يسمعها عن عودة مليشيا «جيش المهدي» وأضاف: «عندما اسمع هذه الأنباء ينتابني الخوف الشديد وتعود الى مخيلتي الطريقة التي غادرنا بها منطقتنا قبل اكثر من سنتين بعد رسائل التهديد والوعيد لا اريد تكرار تلك التجربة .غادرنا المنطقة بهدوء على امل بأن نعود اليها بعد تشكيل الحكومة الجديدة واستتباب الأمن». وشهد يوما الجمعة خلال الأسبوعين الماضيين انتشاراً واضحاً لعناصر جيش المهدي قرب الجوامع والحسينيات، الى جانب الأجهزة الأمنية لحماية المصلين فيما تشهد مكاتب الصدر في بغداد تشديد الإجراءات الأمنية التي ينفذها «جيش المهدي». وتنقل الأنباء عن عدد من احياء بغداد مغادرة عائلات الأحياء التي يمكن ان تستعيد المليشيات سطيرتها عليها. وظهر»جيش المهدي» في بغداد ، بعد نتائج الانتخابات الأخيرة التي اعطت التيار الصدري ثقلاً ولعب زعيمه دوراً محورياً في اختيار رئيس الحكومة المقبل. وكانت الحكومة شنت حملة واسعة النطاق بداية عام 2008 اطلق عليها اسم «صولة الفرسان» استهدفت ميليشيا «جيش المهدي» في بغداد والبصرة والعمارة وعدد من المحافظات الجنوبية، ما أثار خلافاً عميقاً بين الصدر وحزب الدعوة كان حاضراً بقوة في محادثات اختيار رئيس الوزراء الجديد. وقال عماد الساعدي» احد قادة «جيش المهدي» ل «الحياة» في مدينة الصدر ان «جيش الإمام لم يحل في الأصل بل كان في حال هدنة ما زالت مستمرة لكننا نخشى تدهور الأوضاع من جديد خصوصاً اذا تأخر تشكيل الحكومة ما يجعلنا في حالة تأهب هذه الأيام». ورفض الحديث عن اوامر بإعادة التنظيم وشدد على ان «جيش المهدي مستعد للدفاع عن الشعب العراقي من الهجمات الإرهابية في أي وقت». لكن الناطق باسم الصدر صلاح العبيدي قال السبت ان «التيار الصدري ليس لديه الرغبة في إعادة جيش المهدي الى الشوارع» . وأكد «عدم وجود نية لدى التيار للعودة إلى السلاح من جديد «. لافتاً الى ان «عناصر التيار الصدري ما زالوا يتعرضون للاعتقال بسبب شائعات مغرضة تفيد انهم سيعودون الى الشارع «. وزاد: «استغلت بعض القيادات الأمنية، المعروفة بعدائها للتيار، عمليات الاغتيال والتفجير التي يقوم بها تنظيم القاعدة لشن مثل هذه الحملات ضد جيش المهدي وهو امر غير مبرر». وأكد ان الميليشيا «موجودة في الساحة العراقية باسم الممهدون وقد تحولت من صفتها العسكرية الى لجان ثقافية واجتماعية».