ما كاد السعوديون ينسون غدر داعشيَّين بابني عمّهما مدوس العنزي في حائل، حتى عادت جريمة أخرى، تنسج خيوطها على المنوال نفسه، فغدر اثنان من التنظيم الإرهابي بقريبهما بدر الرشيدي، في حين نددت هيئة كبار العلماء بالحادثة، وأكدت أنه مع قتلة مثل هؤلاء، لا يجدي الاستنكار، فلا بد من «القصاص». (للمزيد). مدوس العنزي استدرجه أبناء عمه الذين تربى معهم تحت سقف واحد، وأكلوا في إناء واحد على مدار عقدين من الزمن، لم تشفع له صيحاته وهو يردد «تكفى يا سعد» بيد رصاص سعد الغادر، الذي قضى عليه «تقرباً» لقائد التنظيم الإرهابي، قبل أن تتم محاصرته في أحد الجبال ويُلقى القبض عليه ويُقتل أخوه مصور «الفيديو». وعاد من جديد مشهد الغدر في القصيم من أبناء عمومة وأقرباء الوكيل رقيب بدر الرشيدي أحد منسوبي قوات الطوارئ في المنطقة، الذي يشهد له الكثير من زملائه بالالتزام وحرصه على أداء الصلاة في وقتها، علاوة على انضباطه في العمل وأخلاقه العالية في التعامل مع رؤسائه، وحبه الكبير لأطفاله الثلاثة، وبره بوالديه اللذين يسكنان في منطقة حائل. وظهر عبر مقطع «فيديو» قصير متداول على مواقع التواصل الاجتماعي ثلاثة من معتنقي الفكر الإرهابي الداعشي ملثمين، ما عدا وائل الرشيدي، وهو طبيب في أحد مستشفيات العاصمة الرياض، وبجانبه أخوه الملثم نائل الرشيدي (موظف في شركة خاصة)، وإبراهيم الرشيدي (طالب جامعي)، يقفون بالقرب من أحد الشوارع بين مدينة بريدة ومحافظة عنيزة خلف أحد المجمعات النفطية في القصيم، بعد أن استدرجوا ابن عمهم المغدور به لتسليمه أغراضاً خاصة للعلاقة الوطيدة بينهم، غير أنه وجد نفسه في كمين إرهابي نصبه له أبناء عمومته وائل ونائل. وبعد أن أنزلوه مكبل اليدين استعطف وائل وردد: «اسمع وائل.. اسمع وائل»، «تعوذ من الشيطان» والإرهابي يردد «اثبت.. اثبت»، قبل أن يطلق عليه رصاصات أردته قتيلاً، ليؤكد بعد ذلك أن هدفهم المقبل قتل مزيد من الأقرباء ممن ينتمون إلى السلك العسكري. وأعلنت وزارة الداخلية أمس (السبت) أسماء ستة أشخاص قالت إنهم استغلوا الروابط العائلية، وشاركوا في مؤامرة استدراج وكيل الرقيب بدر الرشيدي وقتله غدراً، في جريمة نكراء. وتعهدت بأنها لن تثني رجالها عن ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا. وعلمت «الحياة» أن المغدور لديه طفلان وزوجته حامل في الأشهر الأخيرة، ووالده متوفى وأمه مسنة ولديه أخوان، أحدهما مقعد في حادثة مرورية، وأن الشهيد هو من كان ينفق على والدته ومتكفل بمصاريف المنزل. وبحسب مقربين للشهيد فإنه كان محبوباً بين أقاربه وسباقاً للخير، وأنه اتصل بوالدته قبل الحادثة ليخبرها أنه ذاهب لنجدة أبناء خالته من مبدأ الفزعة، وخصوصاً أنه يرتبط بعلاقة وثيقة بقاتله منذ أيام الطفولة. إلى ذلك، قالت هيئة كبار العلماء عبر تدوينة لها على حسابها الرسمي في «تويتر»: «مع الدواعش لا تنفع بيانات الاستنكار وإنما القصاص الذي جعله الله لنا حياة، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء في مثلهم قرارها رقم 148 في 1409هجرية بأن حكمهم القتل، وتدعو في هذا الصدد إلى الإبلاغ عن المطلوبين من الدولة، لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى، وحماية لمجتمعنا ومقدساته ومكتسباته، وعدم الإبلاغ في حال توافر المعلومات خيانة لجماعة المسلمين وإمامهم».