حاز النعاس أثناء قيادة السيارات اهتمام كثير من المجتمعات المتقدمة، إذ أثبتت بحوث غربية أن الحرمان من النوم، يعادل في أثره السلبي على الوعي والإدراك، أثر المستوى القانوني للكحول في الدم أثناء القيادة. من المعروف علمياً أن المحروم قسراً أو طوعاً من النوم لساعات طويلة (18 - 24 ساعة)، ينتهج سلوكاً خطراً أثناء القيادة، يشبه سلوك المخمور بكمية من الكحول تكفي للتسبب في النعاس وتعكر المزاج، وقصور الرؤية الواضحة، فضلاً عن رداءة الحكم ورد الفعل المناسب لتجنب التصادم في الوقت المناسب. ووفقاً للتقديرات الرسمية الأميركية، يتسبب النعاس أثناء القيادة في 100 ألف حادثة، يُقتل بسببها 1500 شخص سنوياً معظمهم من الشباب، ومن أهم عوامل خطر فرط النعاس أثناء القيادة، الارتباط بأكثر من وظيفة، ونظام الورديات الليلية، والقيادة بعد منتصف الليل، أو لساعات طويلة من دون توقف، إضافة إلى الإصابة باضطرابات النوم المختلفة، كمتلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم. وخلافاً للاعتقاد السائد، لا تساعد المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين «القهوة - الشاي - مشروبات الطاقة» إلا على مقاومة النعاس الخفيف ولمدة وجيزة فحسب، إذ تعجز هذه المادة المنبهة عن التغلب على النعاس الشديد، كما يظن بعض الناس أن النعاس يحصل أثناء الليل فقط، لكن النعاس يمكن أن يصيب الشخص خلال ساعات الذروة وازدحام السيارات «2 - 5 بعد الظهر»، وفقاً للإيقاع اليومي للساعة الحيوية. ومن أهم العلامات المحذرة من عواقب النعاس أثناء القيادة والدالة على وجوب التوقف: كثرة التثاؤب، والشعور بالتوتر واضطراب المزاج، ونوبات النعاس المفاجئة، والتعرض لأحلام اليقظة «هلوسة بداية النوم»، والحياد اللا إرادي عن الطريق، إضافة إلى قطع إشارة مرور أو تفويت المخرج المطلوب بطريق الخطأ. ومن أفضل وسائل التغلب على الشعور بالنعاس أثناء القيادة: التوقف لأخذ غفوة لا تزيد على 20 إلى 30 دقيقة، وتبادل القيادة مع رفيق الدرب إن أمكن، وتناول القليل من السكريات المعقدة والبروتينات «الجبن مع شطيرة القمح أو البسكويت»، إضافة إلى القهوة لإعطاء طاقة إضافية. وبمناسبة بدء تطبيق نظام «ساهر»، الذي يهدف إلى ضبط وإدارة حركة المرور آلياً وتحقيق أفضل معايير السلامة المرورية، أرى من المناسب القيام بحملة توعوية بغية التحذير من النعاس أثناء القيادة، والدعوة إلى اتباع أسلوب نوم صحي كتجنب السهر والإفراط في تناول المنبهات، والاهتمام بأخذ الكفاية من النوم أثناء ساعات الليل، ونشر الوعي بأعراض واضطرابات النوم المختلفة، للحد من خطرها ومضاعفاتها الصحية والاجتماعية، كما أن إجراء الدراسات العلمية على المستوى المحلي، بغية تحديد عوامل مشكلة النعاس أثناء القيادة، وطرق تجنب نتائجها السلبية، أمر مهم، ومطلب مجتمعي، بوصفها سبباً مباشراً في حوادث السيارات القاتلة. استشاري سعودي في أمراض النوم