كانت جدتي لا تجد ما تكافئنا به حين نحسن صنعاً، غير أن تقدم روحها فداء لنا - في دعوات مغلفة بالحب والدعم - وهي الدعوة التي لا أجد غيرها حين يعلن مليكنا المحبوب أبو متعب بيانات متتابعة وجهداً حثيثاً كان آخرها تعقب كارثة جدة. فعادة ما تنتشر بين الناس - خوفاً وقلقاً - إشاعات اختفاء الحقائق وضياع الحقوق حين تبطئ النتائج، لكن الملك عبدالله لا يتركنا نهباً للقلق والإشاعات، ولا يبطئ. يؤكد لنا الملك عبدالله - جُعِلنا فداه - أنه لم ينسَ ولم يتأخر، ويعلن جدول العمل المستمر في تعقب ومتابعة فاجعة جدة بإحالة المتهمين إلى القضاء، والوقوف في وجه تراخي قبضة العقاب وإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو، وإعادة تصحيح الأخطاء في تنظيم الأحياء العشوائية، ووضع القوانين والأنظمة التي تمنع تكرارها والأهم من هذا وذاك هو التخلص - في مدة أقصاها سنة كاملة - من ذلك العار الذي سمي بحيرة المسك، والتي تم تجميلها بالمسمى كعادة العرب في قلب الحقائق تيمناً. إن ما قام به الملك عبدالله هو المنهج الذي يجب أن يتبعه جميع المسؤولين في العمل وهو مبدأ وضع الجداول الزمنية للمشاريع المعلنة ونشر نتائجها في الإعلام وتوفير الحقائق والمعلومات لطالبيها؛ باحثين ومختصين وصحافيين، فكثيراً ما سمعنا بخطط ومشاريع اقتصادية وتعليمية وصحية مليئة بالطموح والأهداف التنموية، لكن المواطن لم يعد يذكر أين سمعها ولا متى ستظهر، وتمر السنون فلا يعرف حجم ما أنجز منها وما أخفق فيها، ويسمع المواطنون أيضاً موازنات هائلة يتم صرفها لمشاريع تنموية كبيرة، لكنهم بعد سنوات لا يعرفون أين ذهبت؟ ومن استفاد منها؟ وحجم المستفيدين؟ ولا عن ماذا أسفرت. وحين نسمع الملك عبدالله يقول لحكومته: «فيه مشاريع ضايعة» لا نعرف ما ضاع منها، وما عرف سواء السبيل. منهج الالتزام بالعمل المعلن والأهداف الواضحة والمقيدة بخطط زمنية محددة، ومراجعة التقويم هو ما نحتاج إليه مؤسساتٍ وأفراداً، وأن نتبنى فلسفة الخطة الزمنية، حتى في أصغر أعمالنا، فما بالنا بمشاريع وطنية كبرى، يسفر غياب عين الرقابة عنها والتساهل في تقويمها عن نتائج تشبه سيول جدة، وأمطار الرياض، وتطوير التعليم، وحرائق المدارس، وضحايا الطرق. الملك عبدالله منذ توليه مسؤولية الحكم وهو يضع اللجان والموازنات الضخمة لتطوير القضاء، وتطوير التعليم، ومحاربة الفساد، وعديد من المشاريع التي ننتظر حتى اليوم ساعة الإفراج عن نتائجها، ونأمل ألا تطول. الملك عبدالله كل يوم يطمئننا أنه يقوم بمسؤوليته كما نحب، وكما تعهد بها أمام شعبه وفي خطابه أمام مجلس الشوري، وفي ظهر الغيب، ويبقي أن ننتظر من هذه المؤسسات أن تقوم بدورها وتفي بتعهداتها التي أقسمت أمام الملك وأمام المواطنين وفي ظهر الغيب على حملها وصون أمانتها. [email protected]