توالت الوفود والشخصيات السياسية اللبنانية التي تقاطرت إلى مقر السفارة السعودية في بيروت، التي فتحت أبوابها لليوم الثاني على التوالي للتضامن مع المملكة في ظل الحملات التي تتعرض لها، وللتشديد على الاعتذار منها. وكان في استقبالهم السفير علي بن عواض عسيري. ومن أبرز المتضامنين الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على رأس وفد وشخصيات طرابلسية، وقال: «جئنا إلى السفارة السعودية لنعبر عن تقديرنا للمملكة العربية السعودية ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي نعيشها. وعبرنا للسفير عسيري أننا نعول على حكمة خادم الحرمين الشريفين بإعادة احتضان لبنان، كما عودتنا المملكة دائماً، على أساس الإخوة والاحترام المتبادل. كما نعول على جميع الأطراف اللبنانيين بأن يعوا تماماً التاريخ العميق للعلاقات اللبنانية - السعودية، وأن يحدوا من السجالات». ولفت إلى أن «من حظ لبنان اليوم أن القيادة في المملكة هي بيد الملك سلمان الذي يعرف تماماً خصائص لبنان وأوضاعه وما نمر به، وأنا على ثقة أننا بحكمته ورؤيته البعيدة يمكن استيعاب الموضوع القائم حالياً، واحتضان لبنان واللبنانيين». كذلك زار وزير الداخلية نهاد المشنوق السفير عسيري متضامناً وقال: «هناك أزمة جدية تتعلق بموقف قوة سياسية لبنانية هي حزب الله باعتدائها كلامياً وأمنياً على السعودية، والقرار السعودي بوقف الهبة ليس مفاجئاً أو غريباً، وهو يأتي في سياق كلام جهة سياسية لبنانية لا يأتي في سياق الواقعية والوطنية». وأمل في «التوصل إلى تسوية سياسية حفظاً للاستقرار، تساعد على استعادة العلاقات مع دول مجلس التعاون لأن لبنان لا مستقبل له من دون عروبته، ويجب الاعتذار للسعودية عن الإهانات. الرد لا يكون بالتعرض للمقامات بطريقة همجية، وإذا لم تحل الأمور ذاهبون إلى أزمة أكبر». واعتبر أن «أفضال المملكة على لبنان أكثر من أن تحصى وهذا ليس بحاجة إلى شهادة من أحد». الجحود لا يعبر عن لبنان كما زار السفارة وزيرا الزراعة أكرم شهيب والصحة وائل أبو فاعور الذي أكد أن «الموقف اللبناني العام هو حفظ ما قامت به المملكة من جهود لمساعدة لبنان». وقال: «لبنان مستعد لكل ما من شأنه تصحيح الأخطاء التي صدرت عن وزارة خارجيته في المؤتمرات الأخيرة»، مشدداً على أن «جحود بعض القوى اللبنانية تجاه السعودية لا يعبر عن الرأي العام اللبناني». واعتبر أن «الموقف الذي صدر من الحكومة ليس تحايلاً لغوياً بل تعبير واضح جداً أننا ملتزمون بالأمن العربي والوحدة العربية بوجه التدخلات التي تحصل في المنطقة بخاصة من قبل إيران». وأوضح أن «عروبة لبنان تقتضي أفضل العلاقات مع العرب خاصة السعودية التي وقفت إلى جانبنا»، آملاً أن «لا نوضع أمام اختبارات داخلية كما حصل في السابق». ومن زوار السفارة أيضاً، وفد من حزب «القوات اللبنانية» تحدث باسمه النائب أنطوان زهرا، فقال: «هذه الحكومة أعلنت سياسة النأي بالنفس وتحوّلت إلى غطاء لتدخل «حزب الله» في سورية والدول العربية، ونحن لم ندخلها حتى لا نشارك في تأمين هذا الغطاء. وإذا أخطأ وزير فإنها تصحح الخطأ مجتمعة». وأضاف: «من أعاد بناء لبنان بعد حرب تموز (يوليو) 2006، حرب «لو كنت أعلم»، كانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وليس المال الإيراني طبعاً، ناهيك بمصالح نصف مليون لبناني يعملون في الخليج. فعند مسّ كرامة هذه الدول لا نعلم ما هي العواقب عليهم». كذلك زار السفارة السعودية وفد من كتلة نواب زحلة تحدث باسمه النائب طوني بو خاطر فقال: «نستنكر التهجمات غير المنطقية في حق السعودية التي وقفت إلى جانب لبنان في أصعب الظروف ولا تزال تهتم به كأنه جزء من أراضيها. ونتمنى أن تكون غيمة سوداء عابرة ويعاد النظر بهذه القرارات التي من الصعب أن نتحملها أمنياً واقتصادياً». «وزير الخارجية قضى على بيان الحكومة» وتحدث النائب مروان حمادة بعد زيارته السفارة فقال: «بيان الحكومة مخجل وما فعله وزير الخارجية قضى على البيان، وبالتالي استمرار الحكومة في هذا الشكل وعلى هذه الشاكلة لا ينفع لبنان بل يسيء إليه». وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت من السفارة السعودية يرافقه وفد من الضنية، أن «تصرّفات البعض تجاوزت الحد المعقول على المستوى السياسي والرسمي». ولفت إلى أن «حزب الله» يدّعي سياسة النأي بالنفس والديموقراطية لكنه يتدخل في سورية. أما في شأن تصرّف وزير الخارجية جبران باسيل، اعتبر فتفت أن «تصرف الأخير غير مسؤول والمطلوب بالحد الأدنى أن يعتذر عما قام به». ولفت إلى أنه «لا يتم استيعاب الأزمة بهذا الشكل السطحي بل بمواقف جدية». ونقل رئيس مجلس الإعلام في حزب الكتائب ساسين ساسين الذي التقى السفير السعودي على رأس وفد من الحزب موقف الرئيس أمين الجميل، وقال: «نستنكر الحملة الشعواء التي تتعرض لها المملكة من قبل بعض ممارسي السياسة الذين ينطلقون من مصالحهم التبعية بدلاً من أن ينطلقوا من المصالح الوطنية ومصلحة لبنان دائماً في التضامن مع أشقائه العرب وخصوصاً مع السعودية لذلك أتينا لإيصال رسالة واضحة إلى السعودية والأشقاء العرب أننا دائماً إلى جانبهم». بدوره، قال نائب رئيس حزب الكتائب الوزير سليم صايغ: «لا يمكننا إلا أن نكون إلى جانب السعودية ومصالح اللبنانيين لتعزيز مبدأ الحياد الإيجابي، فالمصلحة اللبنانية ليست في الغرف السوداء إنما هي في سواعد كل أهلنا في الخليج». ورأى أن «الرخص الذي نتعامل به يعرض مصلحة كل لبناني وكل عائلة لبنانية في الخليج للخطر، لذلك أتينا لنؤكد أن الغيمة السوداء ستمر وستعود العلاقة على أفضل ما يكون مع السعودية ونطالب بالحياد الإيجابي، ونرفض تفرد البعض بالقرار اللبناني ومصادرته بالشكل الحالي». الهيئات الاقتصادية وزار وفد من الهيئات الاقتصادية، برئاسة الوزير السابق عدنان القصار، السفارة للتضامن مع المملكة. وقال القصار بعد لقائه السفير السعودي: «أن لبنان لم ولن يكون خارج الإجماع والتضامن العربي». واعتبر أن «بعض المواقف التي تصدر من هنا وهنالك بحق المملكة ودول مجلس التعاون لا تمثل على الإطلاق اللبنانيين الذين لم يجدوا سوى الخير والدعم اللامتناهي من قبل السعودية، حيث كان لها الفضل الكبير في إنهاء الحرب اللبنانية، هذا إلى جانب الدعم المالي الذي قدمته المملكة وسائر الدول الخليجية، فضلاً عن احتضانها آلاف العائلات والعمال اللبنانيين». وشدد على أن «المطلوب في ضوء القرارات التي اتخذتها المملكة والعديد من دول مجلس التعاون الخليجي، أن يكون هناك تحرك عاجل، وموقف حازم من قبل الحكومة اللبنانية، ومن كل شخص غيور وحريص على أن تظل العلاقة بين الشقيق الأكبر (المملكة العربية السعودية) والشقيق الأصغر (لبنان)، بألف خير وأن لا يشوبها شائبة، لأن لبنان يحتاج إلى الدعم والمساندة من أشقائه العرب ولا سيما الخليجيين». وأبدى تخوفه «من أن ينعكس استمرار التهجم على المملكة ودول مجلس التعاون سلباً على اللبنانيين في الخليج»، داعياً إلى «الكف عن ضرب مصالح لبنان». وقد غصت السفارة السعودية بوفود شعبية من مختلف المناطق اللبنانية ونواب وعلماء دين ورؤساء اتحاد بلديات ومخاتير ووفد من «حزب الوطنيين الأحرار.