«في داخلي ماأزال إلى اليوم مراهقة منبوذة من الأطفال حولي، يكسو شعري لون زهري، وليس للون الأسود بديل بين أزيائي» هكذا تصف المرأة الأكثر إثارة في العالم نفسها، فسفيرة النوايا الحسنة والممثلة الأعلى أجراً في أميركا، أنجولينا جولي لا ترى في ماضيها على رغم غرابته ما يخجل. انجولينا فويت ولدت في الرابع من حزيران (يونيو) 1975، لأبوين سرعان ما قررا الانفصال لتعيش برفقة والدتها معظم فترات عمرها، وعلى رغم أن والدها الممثل جون فويت كان يعيش واحدة من أهم مراحل مسيرته الفنية إلا أن ابنته كانت تعاني من ضائقة مادية شديدة أُجبرت معها الأم على قبول التبرعات من جيرانها إذ كانت تقيم في نيويورك. وخلال مراحل الدراسة الابتدائية كانت أنجولينا دائماً مثاراً للسخرية من الأطفال حولها لاسيما وأنها كانت ترتدي المخلفات من ثيابهم، كما أن نحول جسدها والنظارات الطبية التي ترتديها شكلت عائقاً بينها وبين تقبل الأطفال لها، كل تلك الظروف أسهمت في عزلها وبشكل كبير عن من حولها. في مراحل مراهقتها الأولى ونتيجة لهوسها بدور العرض السينمائية التي كانت تزورها غالباً مع والدتها قررت الالتحاق بمعهد فني، وهو ما حدث، لكنها ما لبثت أن غيرت رأيها رغبة منها في العمل كمنسقة للجنائز (حانوتية)، وطوال عامين قررت أنجولينا أن تنعزل تماماً عن أفراد عائلتها فتركت المنزل الذي أقامت فيه مع والدتها لتعيش برفقة صديقها، واليوم تؤكد جولي بأنها عاشت اضطرابات نفسية كبيرة جراء تلك العزلة دفعتها أحياناً إلى جرح نفسها بأداة حادة أكثر من مرة كمصدر للتفريغ النفسي، العزلة لم تدم طويلاً إذ تراجعت جولي عن قناعتها السابقة لتكمل دراستها في المعهد الفني، وفي ال14 من عمرها توافرت لها فرص مختلفة للمشاركة في عروض أزياء لشركات صغيرة سرعان ما قبلتها أمام ضغط الأعباء المادية، وفي ال16 من عمرها شاركت كممثلة في أكثر من أغنية مصورة. في هذه المرحل ارتبطت أنجولينا بعلاقة جيدة مع والدها - على غير العادة - وتعلمت منه مهارة تقمص الشخصيات التمثيلية ما وفر لها فرصة الظهور السينمائي الأول في فيلم «دومين تركس»، لكن الفرصة الحقيقية لم تأت قبل العام 1993 إذ لعبت دور البطولة في فيلم منخفض التكاليف بعنوان «كايبورج»، وجسدت دور امرأة آلية تهدف إلى تدمير الشركة التي قامت بتصنيعها، شاركت بعد ذلك في أكثر من فيلم قبل أن تلعب دور طالبة شاذة تتعرض لتحرش جنسي من أحد معلميها ما يدفعها للانتقام منه في فيلم «نار الثعالب» وعلى رغم أن الفيلم لم يثر انتباه النقاد الذين اعتبروه مكرراً إلا أن دور أنجولينا كان الحدث الأهم بالنسبة إليهم إذ كتبت صحيفة «لوس انجوليس تايم» واصفة جولي حينها: «الدور الذي لعبته كان مكرراً عادياً، ولكنه تطلب الكثير من العمل ليخرج عن صورته المعتادة، ابنة جون فويت خلقت الحدث الأهم في الفيلم وأنقذته من فشل ذريع». في العام 1998 لعبت أنجولينا دور البطولة في فيلم لفت الأنظار بشكل كبير بعنوان «جيا» إذ جسدت دور عارضة أزياء شهيرة يقودها الجنس والإدمان إلى إنهاء مسيرتها المهنية بعد إصابتها بالإيدز، الفيلم حصل على نقد جيد جداً كان لجولي نصيب الأسد منه إذ اعتبرها كثيرون الممثلة الأفضل في تقمص الشخصيات، خصوصاً وأنها لعبت دوراً متطلباً ومعقداً كمدمنة شاذة ومصابة بمرض قاتل ما رشحها للحصول على جائزة غولدن غلوب. النقاد اعتبروا قرب جولي للشخصيات التي جسدتها طوال مسيرتها وفهمها الجيد لها سر نجاحها الأهم، والوصول إلى أعماق تلك الشخصيات دفعها أحياناً إلى تجسيدها على أرض الواقع فمرت خلال مراحل مراهقتها بالعديد من التغيرات، إذ وقعت ضحية للإدمان طوال عامين قبل أن تمر بمرحلة شذوذ جنسي تبعت فيلم «جيا». في العام 1999 جسدت جولي دور الشابة المضطربة نفسياً في فيلم «امرأة مضطربة» وسرعان ما لفت الدور الأنظار ما مكنها من نيل جائزة الأوسكار الأولى في حياتها. وعلى رغم كل النجاح والاهتمام التي حظيت به جولي من وسائل الإعلام إلا أنها كانت عاجزة عن تحسين صورتها في نظر الكثير ممن اعتبروها مجرد مراهقة مضطربة، لم تتغير تلك النظرة قبل دخول الألفية الجديدة فمع دورها بشخصية لارا كروفت في فيلم «تومب رايدر» أصبحت جولي محط أنظار الإعلام العالمي وبات شخصية أكثر شهرة ما أشعرها -ربما للمرة الأولى- بأنها بحاجة إلى صورة جديدة، انعكس ذلك على اختيارها لأعمالها فشاركت في عدد من الأفلام الاجتماعية كما ظهرت في أكثر من دور كوميدي، إضافة لاهتمامها بمساعدة الفقراء من الأطفال حول العالم الأمر الذي قدرته هيئة الأممالمتحدة لتمثلها كسفيرة لنوايا الحسنة، بعد عدد من الزيارات التي قامت بها لأكثر من مخيم للاجئين في أفريقيا وآسيا قررت أنجولينا بعد زيارة لمخيمات في كمبوديا تبني طفلها الأول مادوكس بعدها كررت تجربة التبني ثلاث مرات لأطفال من دول مختلفة لكنها قررت بعد ذلك خوض تجربة الحمل الأمر الذي لم يتحقق قبل دخولها في علاقة مع صديقها الحالي براد بيت حيث أنجبا توأمين، علاقتها مع بيت كانت دائما موضع تركيز الإعلام، خصوصاً وأنه كان مرتبطاً بعلاقة مع الممثلة جينفر أنستون حين بدأت الأخبار حول علاقته الجديدة بالانتشار الأمر الذي وفر لوسائل الإعلام قضية مثيرة للجدل طال النقاش حولها من دون الحصول على أي تعليق من الزوجين، في نهاية الأمر بات الزوجان محط اهتمام من العالم أجمع نظير القضايا الخيرية المختلفة التي أسهما بدعمها وتسليط الضوء عليها.