بارك مسؤولون وعقاريون القرار الإصلاحي الذي اتخذ بشأن التعدي على الأراضي، مؤكدين الحاجة الملحة له منذ فترة طويلة بغية وضع حد فاصل أمام الكثير من المشكلات التي عونِيَ منها بسبب التعديات غير المبررة على أراضي الغير أو الأراضي العامة، أمام كثرة وتعدد الملاك والعقاريين الساعين إلى الثراء من دون أن يلقوا بالاً لتبعات تصرفاتهم، إذ إن كثيراً من الملابسات كانت تحدث بسبب صكوك التعويض وبناء أراض غير مؤهلة للسكن وتحول أراض زراعية إلى سكنية. بداية، أكد عضو مجلس الشورى الدكتور محمد المطلق أننا كنا في حاجة ماسة جداً لمثل هذا القرار، وقال ل «الحياة»: «نحن في حاجة كبيرة إلى هذا النظام، خصوصاً أن نظام منح الأراضي لدينا غير واضح، وهو بشكل عام نظام قديم وغير محدد، إذ إن نظام التملك غير واضح والكثيرين يتملكون الأراضي من طريق الحيازة والادعاءات التاريخية مثل النسب والقبائل مبررين أنها أرض الأجداد وما إلى ذلك، ومن طريق المنح أيضاً إذ إنها تعطى بشكل عام في بعض الأحيان كأن تعطى منحة في مدينة جدة ولكن تطبيقها يتم داخل المدينة من طريق الأمانة والبلدية، وقد تكون هناك مخالفة أيضاً لأنه قد يطبق في أماكن لا يجوز التطبيق فيها، ولهذا يجب على وزارة العدل التي تصدر الأوامر في شكلها النظامي وفق الشرعية والقانونية، أن تقرر ما هي الأماكن التي تنطبق عليها تلك الأوامر، بحيث يحدد لها نظام عمراني واضح وتستثنى منها المناطق الخطرة مثل الأراضي التي تقع على أودية أو مجاري سيول وفيضانات». وأبدى المطلق سعادته بهذا القرار، معدداً نتائجه الإيجابية الكثيرة جداً التي لخصها في عدم رؤية أماكن عشوائية بعد الآن، أو أراض تم تملكها وهي في مواقع خطرة أو في مواقع خارج النطاق العمراني، وتوافر أموال طائلة كانت ستذهب هباء لو سمح بالترخيص للبناء في أراضي أودية أو مجاري سيول التي تحتاج توصيل خدمات بغاية في الصعوبة أكثر من الأراضي المستوية، مضيفاً إيجابيات أخرى لهذا النظام أجملها في الحد بصفة كبيرة من التوسع العشوائي، خصوصاً على المدن الكبيرة، إذ إن توجه أهالي القرى يتسبب في الكثير من المشكلات، في الوقت الذي يتسبب فيه تمدد المدن في ظهور الأحياء العشوائية وبالتالي ظهور مشكلات اجتماعية وأمنية، كما ستكون البنية التحتية غير كافية أو مناسبة. وطالب المطلق بتوفير ثلاثة عناصر مهمة لضمان تطبيق هذا النظام، «أولها التخطيطات الهندسية التي من واجباتها عدم السماح بالتعدي إلا الأماكن القابلة للتطبيق والتي لا تشكل خطورة على المدينة أو السكان، والثاني أن تكون الأراضي قابلة للتملك وضمن النطاق العمراني للمدن وقريبة من الخدمات، وألا تكون التوزيعات عشوائية، فيما يتمثل العنصر الثالث في عدم عزلة الأراضي عن المنشآت الرئيسة إذ تكون داخل مخططات ومواقع تتوافر فيها الخدمات الضرورية لكل حي». وألمح إلى أن الأصل من مثل هذا النظام والهدف الأساسي منه هو «القضاء على التعدي على الأراضي العامة و نشوء أحياء عشوائية». وفي السياق ذاته، كشف العقاري عبدالرحمن المطوع ل «الحياة» وجود خلل كبير في آلية تملك العقار في السعودية، لذلك فإن الحاجة اقتضت وجود نظام ينظم عملية التملك ومنح العقارات، إذ إن ما يحدث في العرف هو انتقال ملكيات أو منح مواطنين مساحات كبيرة أو صغيرة إلى المطورين وبالتالي تؤول إلى الأفراد الراغبين في تملك العقار، كما أنه يوجد الكثير من الأراضي التي تكون زراعية وتتحول إلى سكنية بنفس الآلية. واعترف المطوع بوجود إشكالية متمثلة في ما يعرف بالصكوك التعويضية التي منحت في ظروف معينة من الدولة، إذ إنها في إحدى الفترات كانت في حاجة لأراض، مثل المقام عليها المطار، وهنا لم تكن تمتلك الدولة المال الكافي لتعوض جميع أصحاب تلك الأراضي ولهذا سلموا صكوكاً تعويضية يستطيعون من خلالها الحصول على أراض بالاتفاق مع الأمانة أو البلدية وبطرق خاصة، ولهذا نجد أن الكثير من المشكلات وقعت بهذا الشكل. وتطرق المطوع إلى أكثر من إيجابية تضمنها نظام عدم التعدي على الأراضي، «أولاها زيادة عدد الأراضي سليمة الملكيات ما سيخفف على الناس ما حدث من مهاترات ومرافعات بخصوص الملكية، وخفض أسعار الأراضي بعد أن تكون آلية إطلاق المخططات في بدايتها سليمة، أما في حال قيام وزارة العدل بالعمل وفق آلية سليمة تمنح فيها تلك الأراضي للمواطنين بأسعار معقولة جداً فان ذلك يؤدي لتعاملهم مع المطورين، إذ كان التاجر يحصل على الأراضي بأسعار عالية جداً قبل بنائها فترتفع مقابل ذلك قيمتها النهائية وتسلم للمستهلك الأخير بأسعار مرتفعة جداً». وأضاف أن من أهم البنود التي لا بد من توافرها في هذا النظام هو التأكد من الملكية، إذ إن غالبية المشكلات المتعلقة بالأراضي تعود للتداخلات إما أن تكون متعددة الملكية أو عائلية أو زراعية أو تكون بعيدة عن نطاق العمران ووجود أساس قوي لتلك الملكيات، على أن تتولى وزارة العدل تنظيم نظام نقل ملكيات تلك الأراضي من الدولة للمواطن أو تصحيح ملكية بعض الأراضي للوزارات، ولهذا لا بد أن تكون على أساس واضح وسليم والتثبت من كامل ملكيتها.