في الزيارة الأولى لرئيس أميركي إلى كوبا منذ 88 عاماً، يحط الرئيس باراك أوباما في هافانا يوم 21 آذار (مارس) المقبل، ليطوي بالكامل صفحة الحرب الباردة والعداء مع نظام فيدل كاسترو، ويفتح أفقاً اقتصادياً وسياسياً جديداً للعلاقة بعد 57 عاماً من العداء بين بلاده وكوبا «الشيوعية». أوباما غرد شخصياً على موقع «تويتر» أمس وكتب: «الشهر المقبل سأزور كوبا لأحفز تقدمنا والجهود لتحسين حياة الكوبيين». وأضاف أن الزيارة المقررة في 21 و22 آذار (مارس) وسترافقه فيها السيدة الأولى ميشيل أوباما ووفد رفيع من الإدارة، هي تتويج لتطبيع العلاقة التي استأنفتها إدارته منذ 14 شهراً. وقال أوباما «لا تزال لدينا خلافات في الرأي مع الحكومة الكوبية وسأبحثها بشكل مباشر، فأميركا تدافع دوماً عن حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم»، كما من المتوقع أن يلتقي فيها بممثلين للمجتمع المدني وسيبحث مسألة حقوق الإنسان مع السلطات الكوبية. وأوضح البيت الأبيض أن أوباما سيلتقي خلال الزيارة التي تستغرق يومين نظيره الكوبي راوول كاسترو و «ناشطين من المجتمع المدني ورجال أعمال وكوبيين من مختلف الفئات». وتعود آخر زيارة لرئيس أميركي الى كوبا الواقعة على بعد 500 كلم من سواحل ولاية فلوريدا، إلى العام 1928، عندما زارها الرئيس آنذاك كالفين كوليدج. وبتوجهه الى هافانا يكون أوباما، الذي سيترك منصبه في أقل من عام، أول رئيس تطأ قدماه الأراضي الكوبية منذ ثورة كاسترو عام 1959. وبعد الإعلان عن تقارب بين واشنطن وهافانا في كانون الأول (ديسمبر) عام 2014 وبوساطة من الكنيسة الكاثوليكية والبابا فرنسيس، استأنفت الدولتان العلاقات الديبلوماسية فى تموز (يوليو) عام 2015. وتوجه وزير الخارجية جون كيري إلى هافانا لإعادة فتح سفارة الولاياتالمتحدة، كما أعيد فتح السفارة الكوبية في واشنطن. وتعطي الزيارة أوباما لحظة مشابهة للرئيس الراحل ريتشارد نيكسون بإعادة تطبيعه العلاقات وزيارته الصين الشيوعية في شباط (فبراير) 1972. كما تعكس تاريخية المرحلة عملية انتقال سياسي وديبلوماسي واقتصادي في الروابط الكوبية- الأميركية بعيداً من إرث الحرب الباردة، وتمهيد لفك الحصار في حال موافقة الكونغرس، مكرساً عقيدة أوباما بإنهاء حالة العداء الدائم مع خصوم واشنطن مثل كوبا وإيران والقيادة الشيوعية في فييتنام. وكانت الزيارة متوقعه منذ خطوات التطبيع وقيام واشنطن نهاية أيار (مايو) الماضي بشطب كوبا من اللائحة السوداء للدول الداعمة للإرهاب. وعلى رغم إعادة العلاقات، تبقى المسألة الشائكة الحصار الذي فرضه على كوبا الرئيس جون أف. كينيدي في 1962، وشدده كثيراً قانون هولمز- برتون في 1996. وتنتقد هافانا دائماً هذا الحظر الأميركي الشامل على المبادلات الاقتصادية والمالية مع كوبا، معتبرة أن استمرار تطبيقه يشكل عقبة أمام تطور الجزيرة. ومنذ 50 سنة، هاجر مئات آلاف الكوبيين الى الولاياتالمتحدة وهم من الأصوات الحاسمة انتخابياً في ولاية فلوريدا. وإذا كان بعض مندوبي الموجة الأولى من المنفيين، وهم المهاجرون «السياسيون» في بدايات الثورة، ما زالوا يعارضون بشدة أي تقارب مع نظام هافانا، احتفظ المهاجرون الجدد الذين دفعتهم أسباب اقتصادية إلى المجيء للولايات المتحدة، بصلات وثيقة في الجزيرة ورحبوا بإعلان التقارب.