الرحلات الطويلة «شبه المستحيلة» مغامرات يعشقها اللبناني مكسيم شعيا، وهي ليست بغريبة عنه. فبعد تسلّقه القمم السبع الأعلى في العالم واجتيازه القطبين الشمالي والجنوبي على مزلاجين، وتسجيله رقماً قياسياً عالمياً باجتيازه المحيط الهندي تجذيفاً في قارب، وبلوغه قمة إيفرست (الأعلى في العالم)، أعلن أمس رحلة مثيرة على دراجة هوائية (بطل سابق في هذا الاختصاص)، يجتاز خلالها صحراء الربع الخالي بدءاً من 3 آذار (مارس) المقبل. ويُتوقّع أن تستغرق نحو 3 أسابيع (ما بين 1400 و1500 كلم) انطلاقاً من أبو ظبي إلى مدينة صلالة العُمانية، سعياً إلى تحقيق أول عبور لهذه الصحراء على دراجة هوائية، لكن ذلك غير ممكن إلا خلال فصل الشتاء. وسيزامل شعيا في هذا التحدّي عداء سباقات «ألترا ماراثون» البريطاني ستيف هوليوك، نظراً لقدرته على الجري 250 كلم لمدة 24 ساعة بلا توقّف. وتتجزّأ صحراء الربع الخالي بين الإمارات وعُمان والسعودية واليمن، وتبلغ مساحتها 650 ألف كيلومتر مربع، ويصل طولها إلى ألف كيلومتر وعرضها إلى 500 كيلومتر. وترتفع فيها كثبان رملية بدءاً من مستوى البحر في الشمال إلى نحو 700 متر في الجنوب. وتصنّف بأنها منطقة قاحلة جداً، إذ يهطل فيها أقل من 30 ميلليمتراً من الأمطار سنوياً، في حين تفوق معدّلات درجات الحرارة القصوى 47 درجة مئوية. وكان شعيا خضع لاختبارات وتدريبات في صحراء ليوا قرب الحدود السعودية، وعلى قمة جبل ملهاسيين (3479 متراً) في إسبانيا. وسيستخدم وهوليوك دراجة صنعها خبراء في كاليفورنيا، قياس عجلاتها 5 إنشات، وإطاراتها من ألياف الكربون (100ملم)، وزوّدت بناقل حركة داخلي وحزام كربون خفيفي الوزن ومتينين، إلى درجة الصمود أمام قساوة الرحلة الاستثنائية. أما الهيكل فصنع وفق مقاسات المغامريَن، ونسجت حاوياتها خصيصاً لقدرة استيعاب كبيرة. إلى ذلك، اختيرت كل قطعة من الأدوات بعناية كبيرة حرصاً على خفة وزنها وكفاءتها ومتانتها. وتتألف من مواد أولية تستخدم عادة في الطائرات والمركبات الفضائية، مثل ألياف الكربون وريش الإوز والتيتانيوم ونسيج الكيوبن فايبرCTF3 . فمثلاً، تزن خيمة المبيت والنوم 400 غرام والموقد 12 غراماً. وعلى صعيد التكنولوجيا، ستطبّق في الرحلة أحدث الطرق التقنية من ضمنها دمج صور الأقمار الاصطناعية بنماذج الارتفاعات الرقمية الواردة عبر البعثة الطوبوغرافية للرادار المكوكي التابع للوكالة الأميركية للطيران والفضاء (ناسا)، بهدف تسهيل عملية التنقّل بين الكثبان الرملية، واجتياز الطريق الجنوبية الأكثر ملاءمة. وستتخذ الإجراءات اللازمة ليحدد بدقة موقع المؤن اليومية من طعام ومياه، التي ستخبأ مسبقاً مع قطع غيار في أماكن وسط الصحراء. وستوفّر شبكة اتصالات متينة نقل الصوت والبيانات عبر الأقمار الاصطناعية، وستشحن بالطاقة الشمسية. وستُصوّر الرحلة بتقنية HD ليُعَدّ وثائقي عنها لاحقاً.