لم يعد إنكار وجود الشعب الفلسطيني في وطنه المغتَصب حصراً على جمعيات استيطانية يهودية كثفت في السنوات الأخيرة، بتمويل يهود أميركيين أثرياء حملتها لتهويد القدسالمحتلة، إنما انتقلت إلى جهاز التعليم الرسمي في الدولة العبرية، إذ أصدر وزير التعليم القطب البارز في حزب "ليكود" الحاكم جدعون ساعر تعليماته إلى المدارس بوجوب زيارة طلبتها "المواقع الأثرية والدينية لليهود في عاصمتنا القدس". وكشف تقرير جديد نشرته الوزارة أمس أنه منذ بداية السنة الدراسية الحالية في ايلول (سبتمبر) الماضي زار هذه المواقع 400 ألف طالب يهودي، في مقابل 200 ألف زاروا القدس قبل عامين. وأضاف أن 74 ألفاً من تلاميذ المدارس زاروا "مدينة داود" و17 ألفاً "جبل الهيكل" (المسجد الأقصى المبارك) قياساً ببضع مئات في السنوات الماضية. ووفقاً لتعليمات ساعر، الذي يرى في نفسه الزعيم المقبل لحزب "ليكود"، يتوجب على التلميذ أن يزور خلال سنوات تعليمه ال 12، القدس ثلاث مرات على الأقل. ووضعت الوزارة برنامجاً تحت عنوان "لنصعد (نحجّ) إلى القدس". وخصصت نحو أربعة ملايين دولار سنوياً لتمويل رحلات مدرسية من أنحاء إسرائيل إلى القدس "لتعزيز القيم اليهودية والصهيونية في جهاز التعليم". وتشمل الرحلات أساساً "عير دافيد" أو "مدينة داود" و"جبل الهيكل" والحي اليهودي و"النفق" و"شاعر تسيون" و"حائط المبكى (البراق)". وتشرف على تنفيذ مشروع الوزارة الجمعية الاستيطانية المتطرفة "إلعاد" التي بدأت نشاطها لتهويد حي سلوان في القدس العربية المحتلة. وقال أحد المدرسين الذي رافق تلاميذه في إحدى الرحلات، لصحيفة "هآرتس" إن الشرح الذي يستمع إليه التلاميذ من المرشدين وفي غالبيتهم من اليهود المتزمتين يتعمد تأكيد أن القدس هي "مهد التراث اليهودي من دون التطرق البتة إلى أن مئات آلاف الفلسطينيين في المدينة يعيشون على بعد أمتار قليلة من المواقع الأثرية اليهودية أو إلى تاريخهم في هذه المدينة وإلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... فقط الجانب اليهودي هو الذي يتم تأكيده". وتابع أن الغرض الواضح من هذه الزيارات هو "تنمية التطرف القومي لدى الجيل الشاب، وتعليمه على تجاهل الآخر. وعليه، بعد فترة قصيرة عندما يتم تجنيد هؤلاء الشبان للخدمة العسكرية لا غرابة في أنهم سيتعاملون مع الفلسطينيين على الحواجز العسكرية كمجرد غرض أو جسم يمكنه الانتظار ساعات في الطابور.