حسم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، الجدل حول إعفاءات الأسمنت وحديد التسليح من الرسوم الجمركية، بالتأكيد على أن الموضوع لا يزال على طاولة البحث بين الدول الخليجية، مبيناً أن الموضوع أحيل إلى لجنة الاتحاد الجمركي، لدرسه طبقاً للآلية المتفق عليها، ورفع تقرير بهذا الخصوص للجنة التعاون المالي والاقتصادي. وأوضح العطية أمس أن لجنة الاتحاد الجمركي ستعقد في القريب العاجل، اجتماعاً طارئاً لهذا الغرض، وسترفع توصياتها بهذا الخصوص للجنة التعاون المالي والاقتصادي، لاتخاذ القرار المناسب حوله، بما ينسجم ومصالح مواطني دول المجلس. وكانت أنباء متضاربة خرجت بعد اجتماع وكلاء وزارات المالية والاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم السبت الماضي في الرياض، بين من يؤكد وينفي الاتفاق على المقترح الكويتي بشأن إعفاء الأسمنت وحديد التسليح المستورد من الرسوم الجمركية إلى وزراء المالية، بغرض التوجيه بشأنه واتخاذ ما يلزم للبت فيه، وذلك خلال اجتماعهم في الثامن من أيار (مايو) الجاري. وأوضح العطية أن لجنة التعاون المالي والاقتصادي ناقشت في اجتماعها، مقترح الكويت لما تشهده خلال العام الحالي من تنام في حركة البناء والتشييد، من خلال إقامة العديد من المشاريع التنموية والبنية التحتية، تنفيذاً لخطة التنمية الاقتصادية للدولة. مشيراً إلى أن أعضاء لجنة التعاون المالي والاقتصادي أولوا اهتماماً بالغاً لهذا الموضوع، لكونه يهم المواطن الخليجي، وحيث إن دول المجلس سبق لها الاتفاق على آلية يتم من خلالها النظر في طلبات الدول الأعضاء في المجلس لإعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية لأسباب طارئة، تم الاتفاق على إحالة طلب الكويت بإعفاء الأسمنت وحديد التسليح من الرسوم الجمركية في دول المجلس إلى لجنة الاتحاد الجمركي لدرسه طبقاً للآلية المتفق عليها. وتبلغ نسبة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات حديد التسليح المستورد والأسمنت 5 في المئة، ويحتاج إلغاؤها إلى قرار جماعي من دول مجلس التعاون. من جانبه، أشار الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحيم نقي الى أن الصورة لا تزال غامضة في هذا الموضوع، مشيراً إلى أن الحديد لا يواجه مشكلة جمركية في دول الخليج منذ أزمة الحديد الماضية، التي ضربت أسواق جميع الدول، لكن المشكلة تبقى في الأسمنت، لوجود بعض التحفظات من الدول التي تمنع تصديره لأسباب تتعلق بالسوق المحلية لديها، ولتحافظ على سعر معين ترى فيه خدمة لمواطنيها ولنمو اقتصادها. وأضاف أن اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي طالب منذ فترة طويلة بأن تكون التجارة البينية بين دول المجلس معفية من أية رسوم جمركية، ويقصد بهذا السلع التي تحمل شهادات منشأ من دول المجلس، واعتبارها سوقاً واحدة. ولفت إلى أن تطبيق الاتحاد الجمركي بين دول المجلس وإعفاء البضائع لن يتسببا في أية أضرار لأية دولة خليجية، مضيفاً: «ما سيحدث عكس هذا الأمر تماماً، إذ ستكون الفائدة للجميع، وستكون الأسعار في متناول اليد، وسيحكم توازن السوق العرض والطلب، وسيكون لذلك مردود إيجابي على المواطنين». وقال: إن «اتحاد الغرف الخليجية» سيقيم ندوة في 26 من الشهر الجاري، في الكويت بالتعاون مع مجلس التعاون الخليجي، عن الاتحاد الجمركي الخليجي، وسيكون هذا الموضوع مطروحاً فيها، لتسليط الضوء أكثر عليه، ومعرفة جميع تفاصيله. إلى ذلك، أكد الاقتصادي نظير العبدالله إلى أن حالة الإرباك التي حدثت ما كان يجب أن تقع لو أصدر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بياناً يوضح فيه هذا الأمر بعد انتهاء الاجتماع مباشرة، أو يعلن ذلك في مؤتمر صحافي، بخاصة أن الإعلام كان يترقب هذا الاجتماع لمعرفة ما سيقرره اجتماع الوزراء. وأضاف أن هذا القرار يعني أن دول الخليج لم تقر حتى الآن خطوة الإعفاء الجمركي لهاتين السلعتين، مشيراً إلى أن «دول التعاون» ينبغي أن تشجع الصناعات المحلية المرتبطة بالحديد والأسمنت، وأن تعطي أفضلية للشركات الخليجية لدخول الأسواق المحلية. وأوضح أن الخلاف بين دول المجلس يبدو انه ينحصر بصورة كبيرة في موضوع الأسمنت، لأن مشكلة الحديد سهلة بالمقارنة، وأضاف أن هناك من يرى أن قرار إعفاء الرسوم الجمركية، إذا ما صدر، على مادة الأسمنت لن يؤثر في الشركات المحلية، لأنها قادرة على منافسة المستورد في السعر والجودة، وتتفاوت حصة الأسمنت المستورد من دولة إلى أخرى، وإذا كانت الإمارات تأتي في المرتبة الثانية بعد السعودية في حجم الطلب، إلا أن «الاسمنت المستورد» لا يشكل أكثر من 10 في المئة من الطلب المحلي، على رغم ان مصانع إماراتية تقول إن السوق الإماراتية قادرة على توفير أكثر من 30 ألف طن متري يومياً لمصلحة السوق الخليجية وبسعر يتراوح بين 170 و 190 درهماً للطن، وأن ذلك يعطيه ميزة تنافسية، إذ إن سعره يعتبر أقل من سعر الأسمنت الباكستاني الذي يعتبر أكثر الأنواع رواجاً في السوق الخليجية، والأمر نفسه وبدرجة مختلفة ينطبق على السوق السعودية. وأضاف أن بعض مصانع الأسمنت السعودية التي تطالب بفسح التصدير، تقول إن «سياسة المضاربة في السوق ستقلص أرباح بعض مصانع الأسمنت، خصوصاً غير المنتجة ل (الكلنكر) لأنها تضطر إلى بيعه بأقل من سعر السوق، لتتمكن من تفريغ مستودعاتها التي امتلأت بأكياس الأسمنت»، وهذا يشكل حاجزاً من ارتفاع الأسعار، وأيضاً وفرته في السوق، إلا أن هذا السبب يراه الكثيرون غير مقنع أمام حركة السوق، وتقلباتها، بخاصة أننا مررنا خلال السنوات القليلة الماضية بأمر مشابه، كما أن شركات الأسمنت لا تعاني من مشكلات حقيقية في تصريف منتجها في السوق المحلية، وخير دليل على هذا، هو أن معظم شركات الأسمنت المحلية حققت أرباحاً جيدة وبحسب ما هو معلن في الربع الأول من العام الحالي، إضافة إلى دراسات الجدوى التي لا تزال تؤكد على ربحية زيادة خطوط الإنتاج في المصانع الموجودة، وأيضاً إنشاء مصانع جديدة. واستبعد العبدالله أن يؤدي قرار الإعفاء الجمركي إلى حدوث تغيير كبير في الأسعار، بالنظر إلى حجم الرسوم الجمركية المفروضة على هاتين المادتين، وقال: «توجد حالة من الاستقرار والتوازن في أسعار الحديد والأسمنت، إلا أنه سيسهم في تحقيق نوع من الانتعاش في أسواق مجلس التعاون الخليجي». حول الحديد، أشار إلى أن «الأمر يعتبر طبيعياً، لأن توازناً موجوداً إلى حد ما في الأسواق المحلية والخليجية التي شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعات مختلفة، كما أنه يسهم في دعم المشاريع التي تأثرت بارتفاعات الأسعار، والأمر الذي قد يبدو مؤثراً في الموضوع هو الشكوك في وفرته».