النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي، وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز لفتَ الى دور المساجد والجامعات والمدارس ووسائل الإعلام في مواجهة التكفير والتطرف، وذكّر بأهمية دور خطبة الجمعة في التوعية بخطورة الغزو الفكري الذي تعرّض له الشباب الذين قال الأمير نايف إنهم «أضحوا وقوداً للتفجيرات في مناطق العالم المختلفة». حديث الأمير نايف جاء خلال استقباله وزير الشؤون الإسلامية صالح آل الشيخ الذي عرض مشروع وزارته لتعزيز دور الأئمة والخطباء والدعاة في تحقيق الأمن الفكري ومحاربة الإرهاب، وتعزيز الانتماء والمواطنة. المشروع الذي طرحه وزير الشؤون الإسلامية يهدف إلى رفع مستوى تفاعل الأئمة والخطباء، وتحويل خطبة الجمعة الى وسيلة لمحاربة الإرهاب وتعزيز الانتماء والمواطنة، وهو هدف جرى طرحه، والتحدث عنه بصيغ مختلفة على مدى سنوات. وعلى رغم الحماسة التي تصاحب الفكرة كلما طرِحت، إلا ان هدف تحويل خطبة الجمعة الى مؤسسة إعلامية تدعم توجهات المجتمع والدولة، ظل فكرة مثالية غير قابلة للتنفيذ. لا شك في ان تحديث خطبة الجمعة لتصبح أداة فاعلة لن يتحقق بالنيات الحسنة، أو الاعتماد على جهود الأفراد وحماستهم، ولا بد من إيجاد بنية قانونية وفكرية وفنية تدعم هذه التوجهات. ولعل أهم الخطوات في هذا المجال وضع قانون لا يحتمل التأويل، يحدد أهداف الخطبة وأساليب طرحها، فضلاً عن بناء شبكة الكترونية للجوامع، وقاعدة بيانات تربط الخطباء بالشؤون العامة، والحوارات والطروحات الشرعية، وتحويل هذه الشبكة الى نافذة اتصال بين الخطباء وجهات البحث والتفكير، مثل مراكز البحوث والجامعات المحلية والعالمية، ووسائل الإعلام المهمة. الأكيد أن أهم خلل في مهمة خطبة الجمعة هو أنها تحولت من تعبير موضوعي عن هموم المسلمين وقضايا المجتمع، الى صوت ذاتي في بعض الأحيان، ناهيك عن القطيعة بين الخطباء ومجتمع المسجد، حتى أصبحت العلاقة بين الطرفين تشبه علاقة المدرّس بالتلاميذ الصغار الذين ليس أمامهم سوى الإنصات والطاعة، وهذا جزء من الخلل الذي يجب تلافيه، وخلق تواصل عبر شبكة الجوامع، والاستماع الى وجهات نظر جمهور المسجد عن المشاكل والقضايا، وإيجاد علاقة تفاعلية بين الخطيب والجمهور، وبين الخطيب ومؤسسات المجتمع. لكن هذا لن يتحقق طالما بقيت وظيفة الخطيب عملاً إضافياً، بالتالي فإن الخطوة الأولى لتحسين الوضع هي تفرغ الخطباء.