انطلق في مصر التسابق على كسب ثقة الناخبين قبل ثلاثة أسابيع من بدء الاقتراع على نصف مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري) وهي الانتخابات التي يعتبرها المراقبون فرصة أخيرة للمعارضة المصرية لتغيير موازين القوى داخل البرلمان المصري قبل انتخابات رئاسة الجمهورية السنة المقبلة. لكن هذا السباق الانتخابي يبدو غير بعيد عن تأثير «سطوة المال» خصوصاً مع استغلال كثير من المتنافسين، سواء كانوا منتمين إلى الحزب الوطني (الحاكم) أو إلى أطياف المعارضة، قسوة الحياة التي تعيشها غالبية المصريين بهدف «شراء أصوات» الناخبين أو التأثير في خيارهم في صناديق الاقتراع. وأعلنت اللجنة القضائية المخول لها الإشراف على الانتخابات والتي تلتئم مطلع الشهر المقبل، أن إجمالي الذين تقدموا للترشيح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى بلغ 576 مرشحاً قبلت أوراق 509 منهم فيما استبعد 67 مرشحاً لعدم استيفائهم المستندات والأوراق المطلوبة للتقدم للترشيح. وأكدت جماعة «الإخوان المسلمين» أنها تخوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى «إيماناً منها بضرورة القيام بالواجب الشرعي لتحقيق الإصلاح الشامل، وإزالة التعارض المزعوم بين مبادئ الشريعة الإسلامية وبين الدولة المدنية الحديثة، وترسيخ مبدأ الحرية لكل إنسان، وللدعوة إلى قيام حكم رشيد قائم على العدل والمساواة بين جميع أفراد الأمة». وانتشرت في عدد من شوارع القاهرة والمحافظات الاقليمية اللافتات والملصقات الانتخابية، ولوحظ انتقال الصراع بين الحزب الحاكم وجماعة «الإخوان» إلى الشارع، فكلاهما يسعى إلى كسب ود الناخب المصري بشتى السبل. ففي حين اعتمد «الوطني» على الشعارات الوطنية وغلّف ملصقات مرشحيه بعلم مصر واحياناً صور الرئيس حسني مبارك، اعتمدت جماعة «الإخوان» على الآيات القرآنية والشعارات الدينية. وأفيد أن الحزب الحاكم في مصر سينفق ما يناهز ال 8 ملايين جنيه على عمليات الدعاية الانتخابية بعدما تمكن من جمع 5 ملايين جنيه على الأقل من اعضاءئه الراغبين في الترشيح للانتخابات، في حين تعهد عدد من رجال الأعمال المنتمين إلى «الوطني» بالمساهمة في عمليات الدعاية الانتخابية. أما جماعة «الإخوان» والتي اعلنت أنها ستخوض الانتخابات ب 14 مرشحاً فقط فكشفت مصادر أنها رصدت نحو مليوني جنيه حداً أقصى لعمليات الدعاية الانتخابية، وأشارت إلى أن تلك الأموال التي تم جمعها من الاشتراكات الشهرية لأعضاء الإخوان وتبرعات عدد من رجال الاعمال المنتمين إلى الجماعة، إضافة إلى مساهمات المرشحين انفسهم. أما أحزاب المعارضة فإن الأزمات المالية ما زالت تلاحقها، على ما يبدو. ففي الوقت الذي قالت مصادر في حزب «الوفد» الليبرالي المعارض والذي تقدم ب 11 مرشحاً إنه خصص 300 الف جنيه للمساهمة في الدعم والدعاية لمرشحيه الذين سيتحملون عبء المخصصات الأكبر في عمليات الدعاية، قال حزب التجمع اليساري المعارض إنه سيتكلف فقط بعمليات طبع الملصقات والبرنامج الانتخابي للحزب والذي سيوزع في المؤتمرات الانتخابية للمرشحين أما بقية عمليات الدعاية فسينفقها مرشحو التجمع من أموالهم الخاصة. وأعلن التجمع أمس انه دفع ب 12 مرشحاً بينهم 6 على مقاعد الفئات و6 آخرين على مقاعد العمال. وبين مرشحي التجمع امرأة تدعى هدى أحمد يوسف على مقعد في محافظة قنا (صعيد مصر). وسيخوض 8 مرشحين المنافسة على مقاعد في محافظات دلتا النيل واقليم القاهرة الكبرى، فيما ينافس 4 آخرون على دوائر في صعيد مصر. وعلى صعيد الأحزاب الصغيرة، أوضحت مصادر ل «الحياة» أن حزب الغد دفع ب 4 مرشحين والعربي الناصري ب 4 ايضاً في حين قدّم حزب الجيل 4 مرشحين والجمهوري 3 ومصر العربي 3 وشباب مصر 4. ويلاحظ محللون أن «الأموال كانت المتحكم الرئيسي» في عمليات الدعاية الانتخابية خلال الانتخابات المختلفة التي أجريت في البلاد خلال العقد الأخير، وهو أمر يؤثر في فرص فوز مرشحي أحزاب المعارضة التي تعاني من ازمات مالية متلاحقة. وانتقد هؤلاء ما سمّوه «الانفاق المتزايد» من قبل الحزب الوطني وجماعه الإخوان، معتبرين أن عدم التزام الحزب الحاكم والجماعة المحظورة بالمبالغ المالية التي تم تحديدها من قبل القانون المصري لعمليات الدعاية سيؤثر بلا شك في فرص التنافس بين المرشحين. وأعلن رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات المستشار انتصار نسيم أن إجمالي الذين تقدموا للترشيح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى بلغ 576 مرشحاً قبلت أوراق 509 منهم فيما استبعد 67 مرشحاً لعدم استيفائهم المستندات والأوراق المطلوبة للتقدم للترشيح. وأوضح المستشار نسيم في مؤتمر صحافي عقده أمس أن 128 من المرشحين يمثلون 13 حزباً سياسياً بينها الحزب الوطني (الحاكم)، مشيراً إلى أن أسباب استبعاد عدد من المرشحين تتركز في مجملها حول عدم أداء الخدمة العسكرية أو تقديم ما يفيد جنسية الأب (مصري الجنسية) وعدم تمكن المرشح من اثبات صفته كعامل أو فلاح، إلى جانب وجود موانع لمباشرة الحقوق السياسية لبعضهم كصدور حكم جنائي في حقهم كجرائم ماسة بالشرف. وقال المستشار نسيم إن اللجنة العليا للانتخابات باشرت دورها كاملاً في تمكين كل من تقدم لها بالشكوى وعددهم 15 شاكياً، حيث مكنت مقدمي هذه الشكاوى من تقديم طلبات ترشيحهم وكلهم من المرشحين المستقلين، مؤكدا أن اللجنة تعاملت مع من لهم انتماء حزبي أو المستقلين على قدم المساواة. وأكد المستشار نسيم أن اللجنة العليا للانتخابات ستتصدى بكل حزم لأي مخالفة من أي من المرشحين لأحكام القانون والدستور عبر استخدامهم لشعارات أو رموز ذات طابع ديني في دعايتهم الانتخابية، أو استخدامهم لشعارات أو رموز تنال من حقوق المواطنة أو مبدأ المساواة المكفولين لكل المواطنين في الدستور المصري. وقال إن «القانون المصري حذر من أن ترتكز الدعاية الانتخابية على أسس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين»، مشيراً إلى أن القانون يحظر على المرشحين تلقي أموال من الخارج للإنفاق على الدعاية الانتخابية أو لإعطائها للناخبين مقابل الامتناع عن إبداء الرأي أو إبدائه على وجه معين، محذراً من أن أي مرشح يخالف ذلك سيعرض نفسه لشطب اسمه عن طريق طلب يقدم من اللجنة العليا للانتخابات إلى المحكمة الإدارية العليا والتي تعد أعلى درجات التقاضي بقضاء مجلس الدولة، إلى جانب اتخاذ الإجراءات الجنائية والإدارية التي حددها القانون بهذا الشأن. وفي السياق نفسه، أعلنت أمس جماعة «الإخوان المسلمين» برنامجها الانتخابي الذي قالت إنه ينطلق من شعار الجماعة «الإسلام هو الحل». وأكدت أنها تخوض انتخابات التجديد النصفي لانتخابات مجلس الشورى «إيماناً منها بضرورة القيام بالواجب الشرعي لتحقيق الإصلاح الشامل، وإزالة التعارض المزعوم بين مبادئ الشريعة الإسلامية وبين الدولة المدنية الحديثة، وترسيخ مبدأ الحرية لكل إنسان، وللدعوة إلى قيام حكم رشيد قائم على العدل والمساواة بين أفراد الأمة». واعتبرت أن نزولها الانتخابات جاء تأكيداً لحقوق ومبادئ في مقدمها «احترام إرادة الأمة وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة، ومبدأ استقلال القضاء، وحرية تكوين الأحزاب.