أعلن وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي أن المملكة تسعى لأن تصبح مركزاً عالمياً رئيسياً في مجال الأبحاث ودراسات الطاقة ونقل الطاقة وتوطينها، من خلال إنشاء وتطوير مراكز البحوث العلمية والتطبيقية في الجامعات، وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وإنشاء مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث النفطية. وأشار في كلمته أمس أمام مؤتمر الطاقة العربي التاسع الذي يعقد حالياً في العاصمة القطرية الدوحة، إلى أن أرامكو السعودية أنشأت مركزاً للأبحاث والتطوير، تتمثل مهمته في إجراء الأبحاث الرائدة وإدخال التقنيات الجديدة وتوفير الخدمات الفنية المتخصصة. وأكد أهمية الدول العربية عالمياً لما تمتلكه من احتياطات النفط والغاز، إذ شكل النفط فيها عام 2008 نحو 58 في المئة من إجمالي الاحتياط العالمي، بينما احتياطات الغاز الطبيعي بلغت 30 في المئة، ووصفها بأنها احتياطات ضخمة، مع احتمال وجود احتياطات أخرى لم تكتشف بعد. وقال: «لدينا أبعاد نفطية ثلاثة رئيسية، علينا أن نوليها اهتماماً خاصاً، وذلك على المستوى العالمي، والمستوى الإقليمي، والمستوى المحلي»، لافتاً إلى أهمية المحافظة على البيئة وجعل النفط متوافراً وصديقاً للبيئة من خلال التقنيات المتقدمة، لتركز الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط على التقنية وأن يكون لها حضور ومشاركات دولية قوية وبشكل إيجابي وعلمي في القضايا التي تهم النفط والبيئة. وشدد وزير البترول على حرص السعودية على المحافظة على البيئة وحمايتها من خلال أنشطتها الاقتصادية والنفطية، مشيراً إلى إصدار المملكة نظاماً عاماً يهدف إلى حماية البيئة ومتابعة الأنشطة البيئية داخلها ونشر الوعي البيئي، وحماية الصحة العامة من أخطار الأنشطة المضرة بالبيئة. وأضاف: «النظام الذي أصدرته المملكة يؤكد أهمية التخطيط البيئي في جميع المجالات سواء الصناعية أو الزراعية أو العمرانية أو غيرها، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة عليها وتحسينها، وتشجيع الجهود الوطنية التطوعية في هذا المجال، ومعالجة ما قد ينتج من تلوث بيئي في البر والبحر»، لافتاً إلى أن أرامكو السعودية تعمل حالياً على تنفيذ خطة على مراحل لخفض نسبة الكبريت في مختلف أنواع الوقود المستخدم في المملكة، وتحديث المصافي القائمة بهدف خفض الانبعاثات الضارة وإنتاج وقود يضاهي أفضل المواصفات العالمية. وتابع قائلاً: «المملكة تتابع التطورات والمستجدات في مجالات البيئة على النطاقين الإقليمي والدولي، وتشارك بفاعلية في جميع الاجتماعات ومفاوضات التغيّر المناخي، وتعمل على مواجهة الحملات السلبية ضد النفط، إضافة إلى اهتمام المملكة بالتعاون الثنائي والتعاون كمجموعات خاصة مع بعض الدول في اتباع سياسات وتقنيات لحماية البيئة». واستشهد النعيمي بدورالمملكة في مبادرة «المملكات الأربع» التي تشمل بجانب السعودية، مملكة النرويج، والمملكة المتحدة، ومملكة هولندا، والتي تهدف إلى تطوير وتبادل المعلومات حول حقن ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى الضارة بالبيئة في مكامن النفط من أجل التخلص من هذه الغازات، وزيادة معدلات استخراج النفط». وذكر النعيمي أن تطوير التقنيات المتعلقة بصناعة النفط في المملكة بدأ يُؤتي ثماره في مجال تقنية التنقيب، وزيادة الاحتياطات، وتحسين معدلات الاستخلاص، مشيراً إلى أنه «تم تحقيق رقم قياسي عالمي باستخدام التسجيل الكهرومغناطيسي لرسم خرائط توزيع السوائل تحت سطح الأرض، وستسهم هذه التطورات والتطبيقات العلمية في تحسين معدل الاستخلاص من 50 في المئة إجمالاً إلى 70 في المئة في حقول الإنتاج الرئيسية في المملكة». وأفاد بأنه يجري الآن التركيز على تطوير مراكز البحوث العلمية والتطبيقية في الجامعات السعودية، من خلال تطوير البحوث والدراسات التطبيقية، سواء بشكل مستقل أو بالتعاون مع الشركات السعودية في المجالات التي تخدم الصناعة النفطية. وتطرق إلى دور القطاع الخاص في الصناعة النفطية السعودية، وقال إن «الرؤية المستقبلية لقطاع الغاز والنفط تركز على دور مهم يؤديه القطاع الخاص كشريك أساسي للتنمية الاقتصادية، ومصدراً رئيسياً للميزة النسبية للاقتصاد الوطني». وزاد النعيمي قائلاً: «يسهم القطاع الخاص بدور مهم في الصناعات والخدمات المساندة لقطاع النفط والطاقة، الذي يقدر حجمه بنحو 50 بليون دولار، ويشمل الهندسة والتشييد وتصنيع مختلف المواد كالأنابيب والخدمات المساندة الصغيرة والكبيرة. وهذا القطاع مفتوح بشكل كامل للقطاع الخاص السعودي وللاستثمارات الأجنبية»، مشيراً إلى تأسيس ومساندة شركات متخصصة لخدمات وصناعة الطاقة من أجل تحفيز دور القطاع الخاص في الصناعة النفطية والصناعات الأخرى المرتبطة بها. وأضاف أن صناعة البتروكيماويات من أهم الصناعات المرتبطة بقطاع البترول والغاز في المملكة من حيث كمية المنتجات ونوعيتها، فالمملكة تعتبر الآن واحدة من أكبر خمس دول في العالم منتجة للبتروكيماويات، كما أنه يتم إنتاج غالبية أنواع المواد البتروكيماوية الأساسية مع ربط صناعة تكرير البترول بالصناعة البتروكيماوية، وتوسع دور القطاع الخاص ومشاركة المواطنين في هذا المجال، إذ توجد الآن 13 شركة بتروكيماوية يملكها القطاع الخاص كلياً أو جزئياً، ويجري تداول أسهمها في السوق السعودية. وكشف عن البدء في مشروع «التجمعات الصناعية»، إذ تنتج المملكة كميات كبيرة من المواد البتروكيماوية الأساسية، التي يجري تصديرها إلى الدول الصناعية، التي تقوم بدورها باستخدام هذه المواد في صناعات تحويلية ونهائية أخرى يجري تصديرها إلى دول أخرى بما فيها الدول العربية، ولدينا فرصة لتطوير هذه الصناعات داخل المملكة وتصديرها كمنتجات نهائية، ومن هنا جاءت فكرة التجمعات الصناعية التي تهدف إلى تصنيع منتجات نهائية، مثل أجزاء رئيسية من العربات والإطارات، والمنتجات المنزلية والحاويات الصغيرة والكبيرة. وركز على أهمية التعاون العربي المشترك وتنسيق السياسات الخاصة بالبترول والطاقة إقليمياً ودولياً، من أجل العمل كوحدة واحدة، لمواجهة التطورات والتحديات المختلفة، داعياً إلى الاهتمام بتنمية صناعات الطاقة محلياً من خلال التركيز على العنصر البشري والجوانب العلمية والتقنية والتجارية، مع الاستغلال الأمثل للميزة النسبية التي لدينا والمتمثلة في وفرة الطاقة، من أجل تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على مصدر واحد مثل البترول لتطوير دولنا. واستعرض المتغيرات في الاقتصاد العالمي، وفي الصناعة النفطية عربياً وعالمياً، وقال إن أسعار البترول ارتفعت بشكل غير مسبوق في منتصف عام 2008، ثم انهارت في نهاية العام نفسه، ثم عادت إلى الاستقرار بحسب المستويات الحالية، وهبط الطلب العالمي في عام 2008/2009، وللمرة الأولى منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي حدث تغير في نمط الاستهلاك العالمي، إذ بدأ ينخفض الطلب على النفط في الدول الصناعية، بينما استمر في الارتفاع في الاقتصادات الصاعدة، بما في ذلك اقتصادات الدول العربية.وجدد النعيمي تأكيده على حرص السعودية على المحافظة على إمداداتها من الطاقة عالمياً، مع المحافظة على طاقة إنتاجية فائضة لاستخدامها عند الحاجة، والاستمرار في سياستها المعتدلة تجاه السوق البترولية العالمية سواء من خلال منظمة الأوبك أو خارجها». وأشار إلى سعي المملكة للدفاع عن مصالح ومواقف الدول العربية والبترولية ضمن منتدى مجموعة العشرين، التي تمثل أكبر اقتصادات العالم، إذ تعد المملكة العضو الوحيد فيها من الدول العربية، ومن دول الأوبك. وعرض النعيمي التجربة السعودية، وقال إن القطاع النفطي السعودي يعد محوراً رئيساً في صناعة الطاقة وفي الاقتصاد الوطني لما يزيد على 76 عاماً، ولا يزال يشكل الحصة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، ومن صادرات المملكة، ومن الإيرادات الحكومية، مؤكداً أن المملكة طورت قدرتها الإنتاجية، وحافظت على مستوى الاحتياط المؤكد، إذ يتم تعويض الكميات المنتجة باكتشافات جديدة.ولفت إلى أن المملكة استمرت في تطوير احتياطاتها من الغاز الطبيعي ورفع قدرتها الإنتاجية، وتم فتح الاستثمار العالمي في اكتشاف الغاز الطبيعي، إذ تم منح أربعة امتيازات لعدد من الشركات العالمية العام 2004 في منطقة الربع الخالي، وفي مساحة تصل إلى 332 ألف كيلومتر مربع، وبنت استراتيجيتها البترولية على الموازنة بين مصالحها الاقتصادية، وبقاء البترول كمصدر أساس للطاقة عالمياً لأطول فترة ممكنة.