دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط، مهدداً بسحب الثقة عن الحكومة الحالية في البرلمان ما لم تقدم مشروعاً إصلاحياً خلال شهر ونصف، فيما رحبت قوى سنية بالمشروع الإصلاحي الذي دعا إليه الصدر أمس. وهدد الصدر، في كلمة وجهها للشعب العراقي أمس وسط حشود من أنصاره، بسحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي ما لم يقدم خلال 45 يوماً برنامجاً حكومياً إصلاحياً، وطالب بتشكيل «حكومة جديدة من التكنوقراط بعيداً من الميول إلى حزب السلطة والمحاصصة السياسية». وشدد الزعيم الشيعي على «تشكيل فريق يضم رئيس الوزراء حيدر العبادي ومعه قاض شجاع وأكاديمي معروف وموظف متقاعد من الدرجات الخاصة ومن ذوي خبرة»، على أن «تُمنح تلك الحكومة مهلة عام وإلا تُسحب الثقة منها داخل البرلمان»، مؤكداً أن مشروعه الإصلاحي «يوافق رأي المرجعية الدينية وآمال الشعب». واعتبر عدم تنفيذ بنود المشروع خيانةً للعراق»، وأعرب عن أمله في «دعم هذا المشروع من قبل الشرفاء من العراقيين والوطنيين وأصحاب الكفاءة من المؤسسات المدنية وغيرها من دون النظر إلى كاتبه»، مؤكداً أن «العراق بحاجة إلى التكاتف». كما طالب بإصلاح القضاء «وتشكيل لجان لتدقيق العقود الحكومية المبرمة منذ عام 2003»، إضافة إلى «تفعيل دور القضاء والمدعي العام، وتطهير القضاء من ذوي السمعة السيئة»، متهماً الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي ب «إيصال الشعب إلى الهاوية وبيع أراضي العراق». وطالب ب «محاسبة كل المقصرين في سبايكر والصقلاوية وسقوط الموصل، وإقالة كل مسؤول أمني له ميول سياسية». ودعا إلى «التصويت على قادة الفرق ورئيس أركان الجيش في البرلمان وتشكيل لجان ذات خبرة واسعة لتدقيق عقود السلاح المستورد والكميات والأسعار والسلاح المصنع في الداخل، فضلاً عن إبعاد الجيش عن المناطق الآمنة ومنع أي تواجد مسلح خارج الجهات المختصة»، مطالباً ب «تحويل العناصر المنضبطة من الحشد الشعبي إلى وزارتي الداخلية والدفاع لضمان حقوقهم». وقال إن «تحويل الحشد الشعبي بعناصره المنضبطة إلى سلك الدفاع والداخلية يجب أن يكون بنظرة وحدوية لضمان حقوقهم وانتفاع الوطن بهم وحظر السلاح بيد الدولة وتسليم السلاح لها بعد انتهاء الحرب ضد الإرهاب»، بالإضافة إلى «إعادة هيكلة المصارف الحكومية، وتنصيب محافظ جديد للبنك المركزي من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة ودعم المنتج المحلي من خلال منع استيراد أي منتج منافس ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ووضع قوانين صارمة لمزادات العملة الأجنبية واستصدار سندات داخلية لتعزيز الوضع المالي وسد النقص في الموازنة ودعم القطاعين الصناعي والزراعي وفق برنامج تخصصي وتشجيع الاستثمار الوطني من خلال منح بعض الامتيازات». وقال إن «صوت المواطن يذبح على أيدي السياسيين الذين باعوا الوطن من أجل حفنة دولارات ومناصب». وزاد «سيكون عدم تنفيذ البنود مخيباً لآمالنا وآمال الفقراء والمظلومين من الشعب العراقي، وبالتالي سيكون انسحابنا من العملية السياسية هو المتعين»، ملوّحاً بالنزول إلى الشارع. وأضاف الصدر قوله «سنتوجه إلى التظاهرات والاعتصامات إذا لم يتم تطبيق الإصلاحات المطلوبة على كافة المستويات». من جانبه أكد رئيس كتلة الأحرار في البرلمان ضياء الأسدي، في كلمة بمؤتمر صحافي عقده نواب ووزراء الكتلة في مقر الهيئة السياسية للتيار الصدري ببغداد، أن «كلمة مقتدى الصدر كانت موجهة إلى الشعب وإلى السياسيين وأصحاب القرار لإخراج البلد من النفق المظلم». وأضاف أن «الصدر أراد لمبادرته أن تكون حلاً عراقياً بعيداً من صنّاع القرار من السياسيين المؤيدين للاحتلال والعوامل الخارجية»، واصفاً المبادرة «بطوق نجاة أخير للحكومة وللعملية السياسية في العراق، وهي النداء الأخير من زعيم التيار وأبناء التيار الصدري». وأضاف الأسدي: «في حال لم تتعاط الحكومة مع مبادرة السيد الصدر خلال 45 يوماً فإن وزراء التيار الصدري ونوابه سيعلنون اعتزال العمل السياسي والعودة إلى قواعدنا الجماهيرية لنكون بينهم حيث يتظاهرون للمطالبة بحقوقهم، وعلى الحكومة إدراك الأوضاع التي تشهدها البلاد وأن تدرك أهمية مبادرة الصدر في الوقت الراهن». وقال إن الحكومة التي يرأسها العبادي «الآن على شفير الهاوية وليس أمامها إلا أن تستجيب للمبادرة التي تمثل موقفاً جماهيرياً قوياً، وإن مهلة ال45 يوماً ليست لتنفيذ المبادرة وإنما للشروع في تنفيذها. فإذا عبرت الحكومة عن حسن نية تجاهها ووافقت الكتل السياسية عليها ستكون هذه المدة هي نقطة انطلاق». وشدد على أن كتلته «لن تنزعج في حال تم إبعاد أو إقالة وزرائها من الحكومة»، وأن «قرار كتلة الأحرار بالانسحاب من العملية السياسية لن يؤثر على عمل سرايا السلام، كونها فصائل جهادية مستقلة يشرف عليها زعيم التيار ولا علاقة لها بالعمل السياسي». وعن دعوة الصدر إلى ضم الحشد الشعبي إلى الأجهزة الأمنية، قال إن «الحشد الشعبي يعتبر حالة موقتة فرضتها الظروف الأمنية، وإن التيار يتطلع إلى بناء دولة من خلال دعم مؤسساتها الرسمية». وكان المئات من اتباع الصدر تظاهروا وسط بغداد دعماً للمشروع الإصلاحي، مطالبين بتنفيذ المشروع، فيما أغلقت القوات الأمنية جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، فضلاً عن شارعي أبو نواس والسعدون وسط إجراءات أمنية مشددة. في الأثناء، رحب تحالف القوى العراقية بالبرنامج الإصلاحي للصدر، وقال النائب عبد العظيم العجمان ل «الحياة»، إن «المشروع الإصلاحي الذي أطلقه السيد الصدر مرحبٌ به، فيما دعت لجنة التنسيق العليا في تحالف القوى العراقية، إلى تشكيل حكومة جديدة ب «عنوان جديد»، محذرة في بيان من الوصول إلى مرحلة «اللادولة». واعتبرت «دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي لإجراء تعديل وزاري أمراً مهماً وبحاجة الى مشاركة الجميع في صناعته، لا أن يتفرد به طرف دون آخر». وكان العبادي أعلن عن إجراء تغييرات وزارية في الحكومة وتعيين تكنوقراط بدلاً من الوزراء الذين عينوا على أساس انتماءاتهم السياسية.