نشاط حافل من دون أي نتيجة، هذه هي محصلة جهود عملية السلام التي لا يبدو أي ضوء في نهاية نفقها المظلم، ما يعني أن أسباب الفشل موجودة ومترسخة وأن كل ما نتابعه لا يحمل أبداً أسباباً للنجاح. مضى الأسبوع والأطراف الفاعلة في عملية السلام تطلع بعضها بعضاً على «آخر المستجدات» من دون أن تتقدم تلك العملية خطوة واحدة إلى الأمام، وبعدما أقرت اللجنة العربية المعنية بالأمر مبدأ التفاوض غير المباشر بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين ومنحت الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الضوء الأخضر ليتفاوض «بصورة غير مباشرة»، بحث أبو مازن مع الرئيس المصري حسني مبارك ما أعلن عن «تهيئة الظروف الملائمة لانطلاق المحادثات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على النحو الذي يؤدي إلى تحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المتفق عليها»، كذلك «آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية وجهود تحريك مسيرة السلام، بما في ذلك استئناف المبعوث الأميركي للسلام السيناتور جورج ميتشيل مهمته في المنطقة ونتائج الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية لجنة متابعة مبادرة السلام العربية». وعلى ذلك، فإن الأسبوع الماضي شهد حركة سياسية مكثفة من جانب مصر والعرب والولايات المتحدة وبعض الأطراف الفاعلة الأخرى «من أجل كسر الجمود الذي يعتري عملية السلام منذ فترة طويلة». ولا ندري متى يكسر هذا الجمود ومتى تكون هناك عملية سلام حقيقية؟ وكان مبارك أجرى الاثنين الماضي محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «حول سبل تهيئة الأجواء التي تتيح استئناف المفاوضات غير المباشرة»، وكان هذا اللقاء هو الأول الذي يعقده مبارك في القاهرة منذ عودته من رحلته العلاجية في ألمانيا الشهر الماضي بعد قضائه فترة نقاهة في منتجع شرم الشيخ. وبالطبع، فإن نتانياهو لم يخرج على الإعلام بعدها ليخبرنا عن آلية جديدة لكسر الجمود أو تنازل إسرائيلي عن ثوابت صار العرب يضربون رؤوسهم فيها. ولأن الأميركيين طرف رئيسي في عملية السلام التي لا تسير أبداً إلى الأمام كان لا بد أن تعلن السفيرة الأميركية في القاهرة رضا البيت الأبيض عن جهود مصر لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «ما زال ملتزماً العمل من أجل التوصل إلى سلام واستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأن الإدارة الأميركية عبرت للحكومة الإسرائيلية عن قلقها، في ما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية». لكن السفيرة عادت بنا إلى نقطة الصفر عندما وصفت العلاقات مع إسرائيل بأنها «غير قابلة للاهتزاز (...) ولكن هناك بعض نقاط الخلاف حول بعض القضايا مثل النشاط الاستيطاني». وعلى ذلك، فإن كل تلك الجهود التي تصفها مصر وغيرها من الدول العربية في النهاية بالتعنت الإسرائيلي لا تهز للأميركيين علاقة مع إسرائيل ولا تهز لإسرائيل شعرة واحدة. بينما ما زال العرب يبحثون في سبل كسر الجمود الذي تعانيه عملية السلام ويستنزفون جهودهم وأوقاتهم وأموالهم وعقول شعوبهم في العثور على آلية التكسير التي اختفت ولا يدرون أين مكانها؟! في المقابل، يبدو الأميركيون وكأنهم يسيرون مع كل التيارات من دون أن يكون لهم تأثير حقيقي لا في إزالة الجمود أو تكسيره ولا في إيجاد تلك الآلية المجهولة، أما الإسرائيليون فإنهم جمعوا في أيديهم كل الخيوط ويفرضون الجمود ويبحثون في تكسيره مع بقية الأطراف، وهم وحدهم الذين يعرفون سر الآلية ويخفونها ويبرزون بدلاً منها آلية أخرى لتجميد التكسير.