عبرت القاهرة عن دهشتها من استباق نتائج التحقيق في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، ومحاولات توجيه الاتهامات إلى أجهزة الأمن، متعهدة «إجراء تحقيق شامل ونزيه بالتعاون الكامل مع السلطات الإيطالية». وأظهر تشريح جثة ريجيني التي عُثر عليها قرب طريق متاخم للقاهرة بعد اختفائه لأيام، تعرضه ل «تعذيب وحشي»، حتى أن النيابة العامة المصرية قالت إنه «قُتل ببطء». والشاب الإيطالي طالب دراسات عليا في جامعة كمبريدج البريطانية، وكان بحثه للدكتوراه عن النقابات العمالية المستقلة بعد الثورة، وهي غالباً ما تناهض الحكومة. وأرسلت جامعة كمبريدج خطاباً إلى السلطات المصرية تطلب فيه إجراء تحقيق شامل في ملابسات وفاة ريجيني. كما نشر أكثر من 4600 أكاديمي من عشرات الدول رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي طالبوه فيها بإجراء «تحقيق مستقل ونزيه» في ملابسات مقتل ريجيني «وفي كل حالات الاختفاء القسري والتعذيب والوفاة في أماكن الاحتجاز، وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في بيان أمس: «رغم تفهم الصدمة الشديدة والحزن العميق على مقتل ريجيني، إلا أن من السابق لأوانه إصدار أحكام في شأن نتائج التحقيقات الجنائية الرسمية». وأكد التزام بلاده «إجراء تحقيق شامل ونزيه بالتعاون الكامل مع السلطات الإيطالية». واعتبر أن «استباق نتائج التحقيق ليس في مصلحة أحد، لاسيما الضحية وأسرته». ويشارك وفد أمني إيطالي في التحقيقات. وأكد الناطق المصري أن ما حدث لريجيني «أمر غير مقبول بالنسبة إلى شعب مصر، مثلما هو غير مقبول لمن عرفوه وأحبوه، لذا فمن الضروري أن يُترك التحقيق ليأخذ مجراه بحيث يتم تقديم مرتكبي هذه الجريمة البشعة إلى العدالة». ورأى أن «محاولات توجيه الاتهام إلى السلطات المصرية في غياب أي دليل هو أمر يؤدي إلى نتائج عكسية»، معبراً عن اندهاشه من «أن تأتي هذه الافتراضات التي لا أساس لها، من أكاديميين ينبغي أن يكونوا في طليعة الملتزمين بمعايير النزاهة، والدقة والمهنية». وكان وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار رفض في مؤتمر صحافي «ما تردد عن أن الأمن متورط في الحادث». وقال: «هذا أمر مرفوض. الجهاز الأمني لم يسبق أن نُسب إليه أمر كهذا. أتعجب من مثل هذه الأقاويل كون ذلك ليس من سياسات الجهاز الأمني». وتعهد كشف المسؤولين عن مقتل ريجيني «في أسرع وقت». وأعرب الناطق باسم الخارجية عن «الرفض الكامل لما ورد في خطاب الأكاديميين من مزاعم في شأن الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء في مصر، والتي تتضمن تشويهاً تاماً للوضع على الأرض وتشكل تعميماً بناءً على إشاعات وتشويهات متعمدة من قبل من يسعون إلى استعادة موطئ قدم لهم في مصر بعد أن رفضهم الشعب». وأكد أن «المجلس القومي لحقوق الإنسان (التابع للدولة) أوضح في سلسلة من التقارير الإعلامية أن الغالبية العظمى من حالات الاختفاء المزعومة لا أساس لها من الصحة بعد أن تم التحقيق فيها، وأن السلطات تتعاون في شكل كامل مع المجلس للنظر في هذه الحالات»، مشدداً على «التزام السلطات بمحاسبة من يثبت تورطه في التعذيب». ولفت إلى أن «الفترة الحالية تشهد عدداً من المحاكمات المهمة في هذا الصدد». وأضاف أن «مصر لا تقبل التساهل مع حالات التعذيب التي لا تزال حوادث فردية تتم مواجهتها بحزم».