حذرت خطب الجمعة في العراق أمس من مخطط لزرع الفتنة بين ابناء الشعب العراقي على خلفية استهداف رجال دين ومواطنين مسيحيين في الآونة الأخيرة. وحذر الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل آية الله علي السيستاني في كربلاء، من مخطط جديد لاستهداف علماء الدين وبعض الطوائف العراقية، معتبراً إياها محاولة من قبل الجماعات المسلحة لإعادة البلاد إلى المربع الأول من الاحتقان الطائفي. واستنكر الكربلائي حادثتي اغتيال نائب رئيس هيئة علماء العراق الشيخ عبد الجليل الفهداوي الأربعاء الماضي في منطقة العامرية غرب بغداد، واستهداف مجموعة من طلاب مسيحيين من جامعة الموصل من قبل جماعات مسلحة مطلع الأسبوع، مشيراً في خطبة الجمعة أمس إلى أن «القوات الأمنية العراقية تتحمل مسؤولية الحادثتين»، وطالبها «بالعمل الجاد للحفاظ على أرواح الأبرياء ومنهم رجال الدين ومن مختلف الطوائف». وعلى صعيد آخر طالب الكربلائي الكتل السياسية بالابتعاد عن التشنج والبدء بحوارات جادة لتشكيل الحكومة. وقال إن «الكتل السياسية الرئيسية مطالبة بالبدء بحوارات جادة وهادئة بعيدة من التشنج والتعصب الحزبي وخلق جو ديموقراطي حقيقي يمكن من خلاله الوصول إلى تفاهمات سريعة في تشكيل الحكومة التي طال أمدها». وأضاف: «هذا لن يتحقق إلا من خلال أمرين، أولهما الانفتاح في شكل كبير بين الكتل السياسية على بعضها البعض، وعدم الانغلاق حتى يتولد لدى الآخرين احساس بأنهم مشاركون فعليون في العلمية السياسية». وبين ان العراقيين ينتظرون بشغف إعلان تشكيل الحكومة وانعقاد الجلسة الأولى للبرلمان وتحقيق الخدمات الأساسية، محذراً من أن التأخير ليس في مصلحة الشعب العراقي كونه سيؤول إلى حدوث فراغ أمني ربما يتم استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية في استهداف الأبرياء، وسيولد حالة عكسية في نفوس المواطنين بأنهم لم يجنوا من عملية ذهابهم إلى صناديق الاقتراع سوى الخلافات السياسية. وقال: «يتوجب أن يكون الحوار بين الكتل السياسية مستنداً إلى الدستور العراقي الذي وافقت عليه غالبية مكونات الشعب، وأن يبدي المتحاورون مرونة في ما بينهم والتخلي عن المصلحة الفئوية لأجل إنقاذ الشعب وتقديم أفضل الخدمات». ووصف الشيخ محمود الصميدعي، خطيب وإمام جامع أم القرى ونائب رئيس ديوان الوقف السني، حوادث استهداف المسيحيين في الموصل بأنها محاولة «لاشعال نار الفتنة مجدداً في البلاد». وقال الصميدعي في خطبة الجمعة أمس أن «هناك أيادي خفية تحاول ان تلعب على الأوتار الحساسة من خلال استهداف المسيحيين في الموصل واغتيال نائب رئيس مجلس علماء العراق»، مطالباً الحكومة بالإسراع في تشكيل لجان تحقيق في تلك الحوادث والتحرك السريع لوأد نار الفتنة التي تحاول بعض الأطراف إشعالها في البلاد. وكان عضو مجلس علماء العراق الشيخ عبد الستار عبد الجبار قال أمس أن من يقف وراء عملية اغتيال الشيخ عبد الجليل الفهداوي جهات لا تريد الاستقرار للعراق، ووجه النقد للحكومة باعتبارها الجهة التي يفترض فيها أن توفر الحماية للعلماء. ولفت في تصريح نشر على موقع «جبهة التوافق» إن «الاغتيال جاء متزامناً مع توزيع منشور يحمل صور أربعة من علماء العراق، ويتضمن تهديداً واضحاً بقتلهم»، لكنه لم يعط اية تفاصيل عما ورد في المنشور أو أسماء العلماء الذين هددوا بالقتل. وكرر رجال دين تحذيراتهم في الآونة الأخيرة من عودة الاحتقان والصراع الطائفي الى الواجهة في حال تأخر تشكيل الحكومة الجديدة، وهو الدافع الرئيسي الذي يجعلهم يطالبون بالإسراع في تشكيل الحكومة في كل خطبة منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية قبل شهر ونصف شهر.