تم تدشين احتلال أفغانستان في القرن العشرين في 24 كانون الأول (ديسمبر) 1979 على أيدي الاتحاد السوفياتي وانتهى في 15 شباط (فبراير) عام 1989، ومن ثم بأيدي الولاياتالمتحدة في 7 تشرين الأول (اكتوبر) عام 2001 والذي كان يختلف عن النزعات السياسية والمآرب التي كانت موسكو تحاول تحقيقها. أميركا قامت باحتلال أفغانستان تحت غطاء مكافحة الإرهاب واستئصاله من أراضي أفغانستان رداً على الهجمات الإرهابية على الولاياتالمتحدة التي قام بها تنظيم «القاعدة». لقد مضت أكثر من 8 سنوات على احتلال أفغانستان، ولكن المشكلة هي أن أميركا التي احتلت البلاد صارت عاجزة عن صد الهجمات على القوة الدولية «إيساف» للمساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان. وقد أعلنت الإدارة الأميركية قبل أشهر عن استراتيجية جديدة تركز على تصعيد الحرب في أفغانستان واتخاذ إجراءات جديدة مفادها استخدام أكبر قدر من القوة والنيران لكبح المقاومة. هل تنجح هذه الاستراتيجية؟ إن الميزة الجغرافية والنزعة القبلية في أفغانستان من التحديات التي لا علاج لها ما دامت القبائل تتمسك بها. فأميركا لن تخرج من أفغانستان ناجحة نظراً الى ان الأفغان يتمسكون بالقبلية أكثر من أي قوم في العالم، فهي نوع من العاطفة التي تتفوق على كل الحسابات المادية بحيث لا يمكن مواجهتها بعرض المكانة والمنزلة العالية والمنصب الحكومي كما تتمنى وتخطط الإدارة الأميركية. أن المشكلة التي تواجهها قوة الاحتلال في أفغانستان هي موقف الرئيس حميد كرزاي حيال العمليات والمواقف الأميركية، فهو يقترح إجراء محادثات مباشرة مع حركة «طالبان» للتخلص من الورطة التي وقعت فيها قوات التحالف والقوات الأفغانية. ولكن إدراة أوباما تعارض هذا الاقتراح وتقترح محادثات مع «حركة طالبان المعتدلة». هل يوجد هناك حركة طالبان المعتدلة؟ أم ان ذلك نوع من الحملة التي تستخدمها قوة الاحتلال مثل سياسة «فرق تسد» التي نفذتها قوات بريطانيا العظمى لكبح المقاومة في الهند قبل سنوات وتستخدمها حالياً قوة الاحتلال في العراق وذلك بخلق الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة؟ لقد أدركت الولاياتالمتحدة منذ البداية أنها ستواجه الحالة نفسها التي واجهتها القوات السوفياتية، ولتفادي هذه الحالة ورطت الولاياتالمتحدة حلف الشمال الأطلسي في المعركة وبادرت بتشكيل قوة دولية. هذه هي اللعبة التي تمارسها القوة العظمى لتنفيذ مخططاتها التوسعية. تقوم أولاً باحتلال أي دولة ومن ثم يتم نقل مسؤولية حفظ السلام فيها إلى القوات الدولية مثل قوات الأممالمتحدة، لماذا ؟ للنجاة من الأخطار التي يؤدي إليها الاحتلال وإعطاء القضية شكلاً عالمياً. لكن مهما كانت المخططات والاستراتيجيات فقد أكدت الأيام الأخيرة أمراً مهماً وهو أن القوات الدولية في أفغانستان لا يمكنها تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية مادامت نزعتا المقاومة والقبلية لدى أعضاء حركة طالبان مستمرة. الأفغاني ليس لديه أي شيء يخسره. كل شيء فات. وهذه هي الحقيقة المؤلمة التي يجب على قوات التحالف أن تدركها.