لا تزال الغيوم تفد إلى منطقة الرياض، وتوزع الخير في أنحائها المتفرقة، لكنها تزيد من وقعها في أماكن فتتحول إلى فيضانات، كما حدث في حي النظيم مساء أول من أمس، إذ ارتفع منسوب المياه فيه إلى مستويات قياسية ودخلت إلى عدد كبير من المنازل، وهددت حياة المئات، لكن فرق الدفاع المدني تمكنت من إنقاذهم. وفي مؤشر على خطورة الأوضاع في الرياض عملت فرق الدفاع المدني على تجهيز «استاد» الملك فهد للإيواء تحسباً لاستمرار هطول الأمطار. وأكد الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني في منطقة الرياض النقيب عبدالله القفاري ل «الحياة» إنقاذ 317 شخصاً مساء أول من أمس بعد الأمطار الغزيرة في شرق الرياض، مشيراً إلى أن غالبيتهم كانوا في استراحات ومتنزهات برية. وتابع: «جندت مديرية الدفاع المدني نحو 1500 فرد وزودتهم ب150 آلية من معدات وعربات ذات دفع رباعي وقوارب ومعدات ثقيلة لهذا الغرض، وتم إخلاء مجموعة من الأطفال وكبار السن وبعض الأشخاص الذي يعانون من مشكلات صحية». وأشاد بإسهام مجموعة من المتطوعين في الأعمال الإسعافية والغوص، نافياً تسجيل إصابات أو خسائر بشرية في الأرواح نتيجة للأمطار. وأوضح القفاري أن فرق الدفاع المدني جهزت استاد الملك فهد الدولي كمركز إيواء تحسباً لأي طارئ. من جهته، أكد الناطق باسم هيئة الطيران المدني خالد الخيبري أن العواصف الرعدية والأمطار التي هطلت على الرياض مساء أول من أمس تسببت في تحويل 9 رحلات، واحدة منها داخلية إلى مطار الملك فهد في الدمام ومطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة. وأضاف ل «الحياة» أن الأمطار أدت أيضاً إلى تأخير 15 رحلة داخلية متجهة من مطار الملك خالد الدولي منها رحلة لطيران «سما» وثلاث لطيران «ناس» و11 رحلة للخطوط السعودية. وقال: «عادت الحركة إلى المدرج الثانوي في مطار الملك خالد الدولي عند الساعة التاسعة والنصف من مساء أول من أمس، وهبطت أول طائرة في الرياض عند الساعة العاشرة إلا ربع فيما عاد المدرج الرئيسي للحركة عند الثانية عشرة مساء». المتطوعون قللوا الخسائر أثنى المدير العام للدفاع المدني الفريق سعد التويجري على جهود عدد كبير من المواطنين والمقيمين في مساعدة المتضررين من الأمطار، مؤكداً أن مبادراتهم في إنقاذ المتضررين أو الإبلاغ عن بعض الحالات التي احتجزتها السيول والأمطار الغزيرة كان لها أثر فاعل في التقليل من حجم الخسائر. وقال: «مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، والمجموعات التطوعية الشبابية على أرض الواقع أو من خلال الشبكة العنكبوتية في التخفيف من آثار هذه الأمطار، محل تقدير ومتابعة ودرس من الجهات المتخصصة ببرامج التطوع في الدفاع المدني وعدد من الأجهزة الحكومية الأخرى، لتفعيل آليات الاستفادة من هذه الجهود التطوعية على أسس علمية صحيحة تضاعف من ثمارها في خدمة المجتمع». ولفت التويجري إلى أن فتح باب التطوع في الدفاع المدني يأتي في نطاق الحرص على الاستفادة من الكوادر والخبرات، مثنياً على دور وسائل الإعلام واستشعارها المسؤولية في متابعة جهود الإنقاذ ومساعدة المتضررين والمحتجزين ونقل تعليمات السلامة الصادرة من الدفاع المدني، ونجاحها في إيصال صوت المواطنين وملاحظاتهم للجهات المعنية، وحشد جهود أبناء المملكة للإسهام في التخفيف من معاناة المتضررين. وأكد وجود آلية لرصد كل ما ينشر في وسائل الإعلام وتحليله للاستفادة منه في المستقبل، مشيراً إلى وجود تعاون كامل بين الجهات الحكومية التي تعمل بروح الفريق الواحد لإزالة آثار ما خلفته الأمطار وسرعة إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. من جهة اخرى، أكد رئيس مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار والسيول الدكتور عبدالملك آل الشيخ، أن الأمطار التي شهدتها العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية أدت إلى امتلاء 6 سدود وغديرين اصطناعيين (حفائر تخزينية) في كل من ضرما وعشيرة سدير. وأضاف ل«الحياة» أمس أن هذه السدود عادت بفوائد كبيرة، إذ رفعت منسوب المياه وخفضت كمية الأملاح في الآبار، مشيراً إلى أن كمية المياه في الغديرين اللذين يقعان في محافظة سدير وضرما بلغت 800 ألف متر مكعب. ولفت إلى أن سكان البادية استفادوا من السدود التي طبّق فيها مشروع الملك فهد لحصد مياه الأمطار والسيول، مؤكداً أن الفائدة الكبرى من المشروع ستكون عندما يجري تعميم الفكرة في أنحاء كثيرة من المملكة. وربط آل الشيخ ظاهرة الرياح المستمرة على منطقة الرياض والمملكة بظاهرة التغيّر المناخي التي رجّح أن تكون الأمطار التي هطلت أخيراً بسببها. وقال: «الانحباس الحراري تسبب في إحلال مناطق ضغط منخفض بدلاً من أحزمة الضغط العالية المهيمنة على المنطقة، التي تكون غالباً قليلة الأمطار». يذكر أن مشروع الملك فهد لحصد وتخزين مياه الأمطار والسيول في المملكة يهدف إلى الاستفادة من تقنيات وأساليب حصد وخزن مياه الأمطار والسيول، التي أثبتت جدواها في دول لها ظروف بيئية مشابهة للمملكة، وذلك لتأمين المياه لسكان البادية وسقي الماشية وتوفير بيئة نباتية تخفف من تأثير الظروف المناخية القاسية وتكون مصدراً للرعي والترفيه. وتتضمن خطة تنفيذ المشروع مرحلتين، الأولى تجريبية، والثانية يعمم فيها تنفيذ المشروع في مناطق المملكة المختلفة، وذلك باستخدام أسلوبين رئيسيين من أساليب حصد وخزن مياه الأمطار والسيول هما: إنشاء غدران اصطناعية (حفائر تخزينية) كبيرة يتم فيها تحويل جزء من مياه السيول المتدفقة في الأودية نتيجة هطول الأمطار نحو الغدران، وحفر آبار التغذية الاصطناعية في أحواض السدود ومجاري الأودية لتغذية الطبقات الجوفية بمياه الأمطار والسيول. احتياطات في الخرج إلى ذلك، وجّه محافظ الخرج الأمير عبدالرحمن بن ناصر، جميع الجهات الحكومية المختصة، بضرورة اتخاذ الإجراءات والاحتياطات كافة الكفيلة بسلامة المواطنين والمقيمين، في أعقاب هطول الأمطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة خلال اليومين الماضيين. وشدّد على رؤساء بلديات الخرج والدلم والهياثم، بتجنيد الإمكانات والمعدات كافة، للاستفادة منها تحت أي أمر طارئ، إضافة إلى استعدادات مستشفى الملك خالد، ومركز الأمير سلطان في السيح، ومستشفى الأمير سلمان في الدلم، ومراكز الهلال الأحمر لاستقبال الحالات الطارئة، داعياً إلى ضرورة التقيد بتعليمات وإرشادات الدفاع المدني في مثل هذه الحالات، وعدم السماح بدخول المواطنين للأودية حين هطول الأمطار وجريان السيول. وتسببت الرياح الشديدة والسيول الجارفة في سقوط بعض أعمدة الإنارة وأحد أعمدة كهرباء الضغط العالي، واقتلاع أشجار ولوحات إعلانية. انتشال غريقين من سيول «بيش» انتشل رجال الدفاع المدني في محافظة بيش جثتي غريقين أحدهما مجهول الهوية والأخرى لمواطن في وادي الفطيحة عقب الأمطار الغزيرة التي هطلت على المحافظة أمس. وأوضح الناطق الإعلامي باسم مديرية الدفاع المدني في منطقة جازان النقيب يحيى القحطاني في بيان أمس، أن مركز القيادة والسيطرة تلقّى بلاغين أمس عن العثور على جثتين في وادي الفطيحة ووادي بيش أثناء جريانهما، وعلى الفور تم تحريك فرقة من الدفاع المدني في محافظة بيش والغواصين، وانتشال الجثتين إحداهما لشاب سعودي يبلغ من العمر17 عاماً في إحدى المزارع المجاورة لقرية المطعن، ونقلهما بواسطة إسعاف الدفاع المدني الى مستشفى بيش العام. ودعا المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ الإجراءات الاحترازية في حال جريان السيول وهطول الأمطار وهبوب العواصف الرملية.