في تطور لافت في معانيه وأبعاده، وجهت لجنة دولية للتحقيق في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة في تقرير صدرته أمس انتقادات شديدة لاسرائيل واتهمت جيشها بسلسلة من الانتهاكات، في مقدمها استخدام النار «بشكل غير متناسب»، وتعمد استهداف المدنيين وضرب مؤسسات الاممالمتحدة (اونروا) في غزة، وطالبتها بتعويضات. وتزامن اصدار التقرير مع تحقيق تجريه لجنة مكافحة التعذيب التابعة للامم المتحدة مع اسرائيل باستخدام «مركز سري» للاعتقال والاستجواب. كما تزامن مع اليوم الختامي لمؤتمر «اللجنة الاميركية - الاسرائيلية للشؤون العامة» (ايباك) حيث صعد نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في كلمته الضغوط على الحكومة الاسرائيلية للقبول بحل الدولتين ووقف الاستيطان، لكنه دعا العرب في المقابل الى تقديم «بادرات» ملموسة لإنهاء عزلة اسرائيل. وكان مقرراً ان يجتمع الرئيس باراك اوباما بالرئيس شمعون بيريز في البيت الابيض امس. (راجع ص 4) كما شهدت القاهرة امس قمة أردنية - مصرية بحث خلالها الرئيس حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في الخطوط العريضة للتحركات العربية في ما يتعلق بجهود السلام وكيفية تناول العرب هذا الموضوع مع الادارة الاميركية الجديدة، خصوصاً في ضوء الزيارة المرتقبة لكل من مبارك والرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو لواشنطن قريبا. ومن المتوقع ان يكون موضوع التحرك العربي تجاه الإدارة الأميركية في صلب لقاء عباس - مبارك اليوم. في هذه الاثناء، خلص تحقيق أعدته لجنة تحقيق مستقلة شكلتها الاممالمتحدة ونشرت نتائجه امس الى تحميل اسرائيل مسؤولية ست حوادث أدت الى قتلى او جرحى او خسائر مادية في مقار الاممالمتحدة خلال الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة في 27 كانون الاول (ديسمبر) الى 18 كانون الثاني (يناير) الماضي. وقال التقرير انه «في ست من الحوادث التسع (التي شملها التحقيق) كان السبب الذي لا خلاف عليه وراء سقوط القتلى والجرحى والأضرار، أعمال عسكرية نفذتها قوات الدفاع الاسرائيلية واستخدمت فيها ذخائر تم قصفها او إلقاؤها من الجو او اطلاقها من البر» وبعضها يتضمن الفسفور الابيض. ودعت التوصية الاولى في التقرير الى مطالبة اسرائيل «بالاعتراف رسميا بأن بياناتها التي ادعت فيها ان الفلسطينيين اطلقوا النار» على مدرسة تابعة للامم المتحدة في جباليا «غير صحيحة ويأسفون لها». وفي توصية اخرى، تطالب اللجنة باتخاذ اجراءات مناسبة لمتابعة طلبات تأمين اصلاح الدمار او تعويض ثمن النفقات التي دفعتها الاممالمتحدة. واستبقت الحكومة الاسرائيلية صدور التقرير بانتقاده واتهامه بالانحياز لحركة «حماس». غير ان أوساطاً سياسية اسرائيلية اشارت الى ان لهجة التقرير جاءت «مخففة» قياسا بالتقرير الاصلي الذي وضعته اللجنة. وقالت الاذاعة العامة ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ارفق تقرير اللجنة برسالة الى مجلس الامن يقول فيها انه لا يعتزم اجراء مزيد من التحقيق في الحرب على غزة، وان تقرير اللجنة لا ينطوي على اي صبغة قانونية. في غضون ذلك، قال نائب الرئيس الاميركي في كلمته امام «ايباك» ان «على اسرائيل العمل من اجل حل الدولتين، ولن تحبوا ما سأقول... لكن لا تبنوا مزيدا من المستوطنات، وفككوا الجيوب الاستيطانية الحالية، واسمحوا للفلسطينيين بحرية التحرك... والوصول الى فرص الانتعاش الاقتصادي». واضاف ان على السلطة الفلسطينية «ان تكافح الارهاب والتحريض ضد اسرائيل» و»نطالب بالافراج الفوري وغير المشروط عن (الجندي الاسير) غلعاد شاليت. بعد ثلاثة اعوام في الاسر، فإن هذا الامر غير مقبول». في الوقت نفسه، حض بايدن الدول العربية على البناء على المبادرة العربية للسلام من خلال البدء منذ الان بتقديم «بادرات» ملموسة تجاه انهاء عزلة اسرائيل، وهو موقف كرره السناتور جون كيري في كلمته امام «ايباك» امس ان على الدول العربية ان تعزز امال السلام من خلال البدء في «معاملة اسرائيل مثل اي بلد عادي، وانهاء المقاطعة، والسماح لطائرات العال (الاسرائيلية) بالتحليق فوق اراضيها ولقاء زعماء اسرائيل». اما في ما يتعلق بإيران، فقال بايدن: «سنتابع عملية ديبلوماسية مباشرة قائمة على المبادئ مع ايران، مع وجود الهدف الاعلى وهو منعها من امتلاك اسلحة نووية».