ضجت الأوساط الاجتماعية في السعودية أمس بعراك مثير بين ثلاثة أطراف، هم أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشاب، وفتاة، في مشهد أثار الجدل والغضب، وسط تعهد «الهيئة» بالتقصي والتحقيق في القضية. ووثق التسجيل المصور الذي لم يتجاوز الدقيقة الواحدة، حضوراً مكثفاً لعدد من عناصر الهيئة ومجموعة من المتجمهرين حول فتاة قبض عليها أمام مجمع النخيل مول (شرق الرياض)، تتعرض للضرب من جانب العنصر الممسك بها، وهي ملقاة على الأرض تصرخ، وسط دعوات من المتجمهرين بالكف عن ضربها وإطلاق سراحها. وفي التسجيل المتداول على الإنترنت، توسل أحد الحضور إلى عضو الهيئة قائلاً: «لا تقتل البنت. ستموت»، لكنه أجابه: «لا تقلق. نحن حريصون عليها أكثر منك»، قبل أن تتمكن الفتاة من الإفلات منه، في محاولة منها للهرب، إلا أنها تعرضت لركلة من شخص آخر، أسقطتها أرضاً. وفي الوقت الذي أكدت فيه شرطة الرياض ل«الحياة» أمس، أنها لم تتلق أي تفاصيل عن الواقعة حتى تحرير هذا الخبر، قال المتحدث باسم هيئة الرياض محمد السبر ل«الحياة» إنه «يجري التحقق من ملابسات الحادثة من جميع جوانبها، وسيتم اتخاذ اللازم وفق النتائج حسب الأنظمة والتعليمات». وقال شاهد عيان ل«الحياة» إنه شاهد الفتاة وهي تهرب من قبضة أحد عناصر الهيئة باتجاه الشارع الآخر، إلا أنه تمكن من الإمساك بها، على رغم توسلاتها للناس بلهجة محلية «أنا في وجهكم». وأضاف شاهد العيان أن «الحادثة بدأت عندما خرجت فتاتان من مجمع تجاري لإيقاف سيارة أجرة، فلاحظت دورية الهيئة أن شباباً يحومون حولهما، فدار نقاش بين الدورية والفتاتين، على إثرها هربت إحداهما، وبقيت واحدة في قبضة الهيئة تمهيداً لاعتقالها، بعد أن عجزت عن الهرب. إلا أن المثير للاستغراب أن أحد الشباب الذين كانوا يتحدثون مع الفتاتين، أسهم مع عناصر جهاز الدورية في تعنيف الفتاة، ربما لأنه كان حانقاً عليها، لأسباب مجهولة. لكن الهيئة التي استفزها المشهد، ألقت القبض عليه، فيما تمكن أحد المواطنين من إخلاء سبيل الفتاة والهرب بها من ساحة المشهد». وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، عبر «وسم» أنشئ لهذا الغرض بعنوان «هيئة الرياض تسحل فتاة» كال فيه مواطنون اتهامات للهيئة بمعاملة الفتاة بطريقة وحشية ومنافية لشعار الهيئة الذي تعمل من أجله. وقال «مواطن»: «مهما كان فعل الفتاة ليس لك الحق يا رجل الهيئة أن تقوم بهذا الفعل أمام الناس... عمل الهيئة لا يوجب سحب النساء»، وقال متهكماً بعضو الهيئة: «قال أنا أحرص منك عليها! بأي حق تهينها وتضربها وتسحبها في الشارع أمام الناس؟». إلى ذلك، أثارت قضية «اعتقال دمية» سافرة، من جانب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الخرج أول من أمس، الكثير من السخرية اللاذعة التي طاولت جهاز الهيئة، باعتبار أن الدمى كذلك لم تسلم من اجتهادات عناصر الهيئة. وكانت «الدمية» أثارت حفيظة رجال «الهيئة» أثناء وجودها في حفلة افتتاح أحد المحال التجارية بمدينة الخرج، إذ قام عناصر الهيئة بنقل الدمية لمركز تابع للهيئة. وقال مؤيدون للهيئة، إن مصادرة «الدمية» يهدف في النهاية إلى الحفاظ على أخلاقيات المجتمع وحماية الفضيلة، باعتبار أن «الدمية» كانت تقوم بحركات غير أخلاقية بحسب محضر ضبط الدمية الذي أعده مركز هيئة الخرج. وأوضح محضر الواقعة، الذي اطلعت عليه «الحياة» أن هيئة مركز الخالدية في مدينة الخرج «تلقت بلاغاً عن وجود دميتين أمام أحد المحال التجارية، الأولى على شكل رجل، والثانية على شكل فتاة تقوم بالتميع بحركات غير مقبولة، ويقفان أمام محل تجاري ما تسبب في تجمع المارة حولهما بشكل كبير». وبحسب المحضر فإن عناصر الهيئة «وجدوا داخل الدمية الخاصة بالفتاة رجلاً متنكراً وأنه تمت مناصحته، وأن ذلك يدخل في التشبه المخالف شرعاً ونظاماً، وأبدى ندمه وطُلب منه مراجعة المركز لإكمال الإجراءات».