صادق البرلمان الجزائري بغالبية ساحقة على مشروع تعديل الدستور الذي عرض للتصويت في جلسة استثنائية أمس. ووصف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إقرار التعديلات ب»اللحظة التاريخية»، خصوصاً أن عدد المصوتين بنعم بلغ 499 نائباً، فيما عارض اثنان وامتنع 16 آخرين عن التصويت. وكما كان متوقعاً، تمكنت الموالاة من جمع 499 نائباً من أصل 517 حضروا الجلسة التي عقدت في غياب أربعة أحزاب إسلامية قاطعت التصويت هي: «حركة مجتمع السلم» و»جبهة العدالة والتنمية» و»حركة النهضة» و»حركة الإصلاح الوطني». ولم يشارك أيضاً نواب «جبهة القوى الاشتراكية»، المحسوبة على التيار الديموقراطي، وهاجمت الجبهة تعديل الدستور ثم أعلنت مقاطعته. وكان لافتاً حضور زعيمة حزب العمال لويزة حنون برفقة نوابها، لكن حنون ونواب حزبها امتنعوا عن التصويت على مشروع تعديل الدستور، علماً أن حضور حنون كان له وقع خاص بالنسبة لأحزاب الموالاة التي كانت تحتاج لحضور تشكيل سياسي يعطي مصداقية للتصويت. ووصف الرئيس الجزائري في خطاب أعقب جلسة التصويت، البرلمانيين الذين صوتوا ضد المشروع والممتنعين بأنهم «أثبتوا أن البرلمان يعمل بإيقاع ديموقراطية تعددية، برلمان تم اختياره من قبل الشعب ويعكس تنوع التيارات والآراء التي تسود مجتمعنا». وذكر بوتفليقة أنه «بهذا الإنجاز، تسجل بلادنا صفحة جديدة من تاريخها السياسي والدستوري، وتفتح بذلك عهداً واعداً لشعبنا، عهد يتميز بتطورات ديموقراطية معتبرة ومتسمة بمكاسب لا رجعة فيها، غايتها الحفاظ على الثوابت الوطنية والمبادئ المؤسسة لمجتمعنا». وقالت لويزة حنون إن حزبها شارك في الجلسة بهدف «الحفاظ على استمرار الدولة ومؤسساتها». ولاحظت أن مشروع تعديل الدستور «يتضمن العديد من الإيجابيات التي ناضل من أجلها الحزب واقترحها لدى مشاركتها في المشاورات السياسية لكن يتضمن أيضاً تناقضات». وأضافت أن حزب العمال يشارك في هذه الجلسة، إيماناً منه بضرورة الحفاظ على استمرارية الدولة ومؤسساتها»، مشيرة في السياق ذاته، إلى أن حزبها «يحترم شرعية رئيس الجمهورية». وأبرز التعديلات في الدستور الجديد، العودة إلى تقييد الولاية الرئاسية بواحدة تجدد مرة واحدة فقط، ومعلوم أن الرئيس بوتفليقة فتح الولاية الرئاسية في دستور 2008 ما مكنه من الترشح لولاية ثالثة ورابعة على التوالي. كما حدد الدستور الجديد الأمازيغية لغة وطنية. ودافع رئيس الحكومة عبد المالك سلال عما سماه «الدستور ذي الطابع التوافقي الواسع» من خلال «مقاربة شاملة أساسها الاستشارة الواسعة من دون إقصاء، وإشراك مختلف الفاعلين السياسيين وقانونيين جزائريين ذوي كفاءة عالية». وبدا كلامه رداً على انتقادات النواب المقاطعين للجلسة الذين عبروا عن رفضهم جلسة التعديل بحجة أن «الدستور غير توافقي». وبعد المصادقة على الدستور، يقتضي العرف استقالة الحكومة، غير أن مصدراً بارزاً أبلغ «الحياة» أن الاستقالة لن تتم قبل عودة سلال من زيارة للإمارات العربية المتحدة في 11 الشهر الجاري.