أوضح أمير منطقة تبوك فهد بن سلطان أن الإنتاج الإنساني والإبداع في شتى المجالات «هو محصلة لمجتمع ناضج، أفراده شخصيات متزنة قوية تعي ما تحاكي ويحاك لها من أفكار غامضة» مشيراً إلى أن ذلك لن يكون سوى «بالوسطية التي تتصادم مع الإقرار وتنأى عن التفريط، ذلك أن من اكبر التحديات التي تواجه مسيرتنا الغلو والتطرف وانتم أولى الناس وأقدرهم على القيام بهذه المسؤولية مسؤولية الأمانة بعلمكم وتعاملكم الدائم مع الكلمة». وقال الأمير فهد في حفلة افتتاح ملتقى تبوك الثقافي، الثلثاء الماضي: «إننا في هذا الوطن المضياف في حاجة ماسة اليوم إلى أن يظل الإنسان السعودي متسلحاً بالعلم والتعليم والمعرفة، ممتلئاً بالتفاؤل والأمل المشرق، وأن يظل الإنسان الذي يباهي بانجازه ويفتخر بوطنه ومجتمعه»، لافتاً إلى «أننا جميعاً مدعوون إلى أن ننظر إلى الجانب المضيء من بعضنا لبعض، وان نكون بين الأمم أصحاب المنهج الوسطي المعتدل القائم على الإرشاد وكريم التعامل وحسن التحاور، بعيدين عن العنف تفكيراً وتنظيماً ورسالة وخطاباً». وأضاف إن «المتابع المنصف لقيادة بلادنا يرصد التشجع والتشجيع المستمر من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني على تكريس مفهوم الحوار والالتقاء، انطلاقاً من إدراك ولاة الأمر المسؤولية المناطة على طلبة العلم والمفكرين والمثقفين ووسائل الإعلام والتعليم». وقال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة إن «المتأمل للحراك الثقافي في بلادنا في السنوات الأخيرة، يلمح فيه قوة ونماء ويلمس فيه تفاعلاً وجدلاً حتى ليمكن القول إن خطابنا الثقافي بات من أشد الخطابات الثقافية العربية شباباً وحيوية وازدهاراً، وآذن ذلك بأن الحركة الثقافية في بلادنا بلغت في هذه الآونة فتوتها وشبابها»، لافتاً إلى أن الثقافة «نظام تفاعلي بالغ التعقيد يحتاج في نموه ونهوضه، إلى عقود طويلة من الزمان حتى يعطي ثماره وثقافتنا في المملكة عبر ما يزيد على 80 عاماً كانت تخوض صراعاً مريراً، من اجل أن تبلغ شأناً ومكانةً في الخطاب الثقافي العربي». وأكد خوجة ان الثقافة في المملكة «حققت ما تريده ونجحت حيناً وأخفقت حيناً، ولكنها ناضلت وجاهدت من اجل تسنمها مكانةً محترمةً على الخريطة الثقافية العربية وها هي الآن تبلغ فيها مكاناً سامقاً»، مستطرداً بالقول إن ما سبق أن قاله، «ما كان ليظهر لولا تداعيات هذا الملتقى، الذي جاء موضوعه لهذه السنة عن «تحديات الخطاب الثقافي»، فالعنوان كما ترون يفاجئنا بأن الخطاب الثقافي محفوف بالتحديات التي تعترض طريقه، وهي تحديات كما تخبرنا محاور هذا الملتقى ذات علاقة بالتربية والإعلام والثقافة الغربية والعنف الثقافي، وهي إذا جردناها من عبارة الخطاب، لم تخرج عما اشتغل به الفكر العربي الحديث طوال قرن مضى». فيما تطرق رئيس نادي تبوك الأدبي الدكتور مسعد العطوي إلى النهضة «التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات، ومن أبرزها الحراك الثقافي الذي سيكون له مردوده الايجابي في سبيل ارتقاء الثقافة وتطورها على المجتمع». وأكد الدكتور احمد الضبيب، في كلمة المشاركين، أهمية تنشيط الحراك الثقافي. وقال: «الحراك الثقافي دليل وعي وإدراك على أهمية الثقافة وتطورها من اجل النهوض بثقافة الفرد والمجتمع في الجوانب كافة»، مشدداً على أهمية موضوع الملتقى ومناقشته من اجل الوصول إلى أفكار جديدة، «تساعد في نهوض الفكر الثقافي السعودي». بينما دعت رئيسة اللجنة النسائية في النادي الدكتورة عائشة حكمي إلى مناقشة تحديات الخطاب الثقافي العربي، «للوصول إلى رؤى تساعد في تطور الثقافة العربية الحديثة». من جهة أخرى، انطلقت جلسات اليوم الثاني في ملتقى تبوك الثقافي، وناقش فيها المشاركون مفهوم الخطاب الثقافي ومكوناته، فمن سيكولوجية الخطاب الثقافي ودور القدرات العقلية، إلى «سؤال السيطرة على المستقبل» البحث الذي قدمه الدكتور فهد العرابي الحارثي وقال فيه إن الحضارة والتقدم «ليست حضارة القلة التي تقود التقدم بل حضارة الشعب كله، الذي يشتغل بهذا التقدم وينجزه فعلاً». وتطرق إلى الأجيال ومستقبلهم، باعتبارهم «التربة الخصبة التي تنمو فيها تلك الأفكار وتتكاثر، ولا أحد غير الأجيال يستطيع أن يحول تلك الأفكار إلى رخاء ورغد في العيش وفي الاقتصاد وفي السيطرة على المستقبل». يذكر أن فعاليات الملتقى اختتمت مساء أمس.