واشنطن - أ ف ب - حاولت المرأة منذ القدم أن تتحكم بخصوبتها وبلغت غايتها الى حد ما في شكل متفاوت، الا ان هذا الهدف لم يتحقق فعلاً الا في خمسينات القرن الماضي مع تطوير حبوب منع الحمل التي قلبت القيم الاجتماعية والثقافية. وتصادف في التاسع من الشهر الجاري الذكرى ال 50 لإعطاء الضوء الأخضر لتسويقها من قبل ادارة الدواء والغذاء الاميركية في العام 1960. ومع ان الطبيب الاميركي غريغوري بيكوس (1903-1967) توصل الى تطوير حبوب منع الحمل في العام 1955، لم تسوق في الولاياتالمتحدة الا في العام 1960 بعد أربع سنوات من تسويقها في المانيا الفيديرالية. أما فرنسا فلم تسمح بتسويقها الا في العام 1967 بعد جدل طويل وحاد. وبدأ الطب يفهم آلية عمل جسد المرأة مطلع القرن العشرين مع اكتشاف الهرمونات ما مهد الطريق أمام تطوير حبوب منع الحمل بعد خمسة عقود. وبدأت التجارب الأولى للتحكم بالحمل من طريق الهرمونات في المانيا في عشرينات القرن الماضي حين ابتكر لودفيغ هابرلانت أول وسيلة منع حمل هرمونية تعطى من طريق الحقن. واستخلصت الهرمونات التي استخدمها هابرلانت من افرازات عضوية تمت تنقيتها. ونجحت هذه التقنية في التجارب على الارانب الا انها كانت مكلفة جداً لتسويقها على نطاق واسع. ويعود الفضل في ابتكار حبوب منع الحمل الى امرأتين أميركيتين هما الممرضة مارغرت سانجر (1879-1966) مؤسسة التنظيم الأسري في الولاياتالمتحدة، وكاثرين دكستر (1875-1967) التي كانت ثاني امرأة اميركية تتخرج في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا. واقنعت هاتان الرائدتان في هذا المجال غريغوري بينكوس بتطوير حبوب منع الحمل. وتمكنت دكستر من جمع مليوني دولار من الجمعيات النسائية لتمويل هذه الابحاث، فيما افتتح بنكوس عام 1951 مختبراً للعمل على الهرمونات الجنسية. وبعد أربع سنوات بدأ انتاج حبوب منع الحمل. وفي العام 1951 أيضاً توصل عالم الكيمياء المكسيكي لويس ميرامونتيس (1925-2004) الى تطوير النوريذيستيرون وهي نسخة كيماوية للبروجسترون البشري مستخلصة من جذور البطاطا الحلوة. وتمكن بنكوس بالتعاون مع جون روك من صنع اول حبوب مانعة للحمل انطلاقاً من هذا الهرمون الاصطناعي. وتم اختبار هذه الحبوب على 250 امرأة من إحدى ضواحي بورتو ريكو الفقيرة في العام 1956. وتبين فيما بعد ان هذه الحبوب تحتوي على الاستروجين وانها أكثر فعالية من البروجسترون وحده. وسوقت حبوب منع الحمل في العام 1957 في الولاياتالمتحدة لمعالجة عدم الانتظام الهرموني. وحصلت على الضوء الأخضر من ادارة الدواء والغذاء الاميركية في عام 1960 لتسويقها بهدف منع الحمل، لكنها بقيت مخصصة للنساء المتزوجات حتى عام 1972. ومع انها اعتبرت سلاحاً لتحرير المرأة جنسياً، يؤكد المؤرخون أن الهدف الرئيس منها في الخمسينات كان وقف الفورة السكانية التي سجلت آنذاك لا سيما لدى الطبقات الفقيرة. وحتى الآن تسعى الأسرة الدولية الى مساعدة الدول الفقيرة وذات الكثافة السكانية العالية على السيطرة على نموها السكاني من دون الوقوع في عمليات تحسين النسل.