تطغى الأحداث السياسية، مثل «عاصفة الحزم» ومفاوضات جنيف حول سورية وسواهما، على نقاشات ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في بهو فندق الأنتركونتننتال، متطلعين إلى أن يحل السلام قريباً على البلدان العربية التي تشهد حروباً نجم عنها ضحايا يستحيل حصرهم. من ناحية أخرى، أبدى عدد من ضيوف المهرجان استغرابهم من غياب مسؤولي وزارة الثقافة والإعلام، وعدم رؤيتهم في الفعاليات أو على هامش الأنشطة. وتردد على بهو الفندق، الذي يقطنه ضيوف المهرجان، منذ انطلاق المهرجان، مثقفون سعوديون وأدباء، جاءوا لرؤية بعضهم البعض، إذ أصبح المهرجان جسراً للتواصل ليس فقط بين الأدباء العرب والسعوديين، إنما أيضاً بين المثقفين السعوديين أنفسهم. وقال الباحث المحامي المصري خالد أبوبكر، إن من أهم الجوانب الإيجابية للمهرجان الجانب الثقافي، «فإذا أردت أن تتعرف على كل الأفكار والتيارات الفكرية وتقترب من الشخصيات التي يثار حولها الجدل، ما عليك سوى أن تحضر إلى ندوات «الجنادرية» الثقافية، التي يتم اختيار المتحدثين فيها وفقاً إلى عمق أفكارهم ورسوخ مشاريعهم الفكرية، وليس وفقاً إلى انتماءاتهم، وستدهش من كم التنوع الثقافي الذي ستراه وتسمعه في هذه الندوات». في حين أوضح الباحث العراقي رشيد الخيون أن المهرجان «أعطى مساحة جيدة للحوار في كثير من المواضيع المهمة التي تم طرحها، مثل «الإسلام فوبيا» و«الإسلام السياسي»، وموضوع التسامح الذي تبناه المهرجان، الذي بحق لم يعد كما يعتقد البعض بأنه «قرية» بل إن الجنادرية «ثقافة». أما الأديب السوداني الدكتور محمد إبراهيم الشوش، فقال: «أنا لست بجديد على «الجنادرية» شاركت في المهرجان منذ سنوات وأعرف عطاءه، وما تميز به من حوار بين المثقفين على اختلاف توجهاتهم»، مضيفاً أن ما أسعده هذا العام «هو اختيار الأديب السعودي الكبير أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، الذي يعد ظاهرة أدبية عرف بعطائه المميز وهو جدير بهذا الاختيار». وقال النائب اللبناني مروان حماده: «رحم الله من كان ملهماً ل«الجنادرية» منذ نشأتها، وأطال الله بعمر من يرعاها ويرعانا اليوم». من جانبه، أكد عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي أن مهرجان الجنادرية أعاد إلى أبناء المملكة الوعي العميق بموروثه وتراثه وأصالته. وسرد زيلعي ذكرياته مع «الجنادرية» من دورة إلى أخرى، منذ بدايات انطلاق المهرجان، وذلك من خلال عمله الأكاديمي رئيساً لقسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود بالرياض، «إذ كنت أشرف حينها على مشاركة جناح الجامعة في «الجنادرية»، إلى جانب ما شرفت به من مشاركتي، أيضاً، عضواً في لجنة المشورة الثقافية في دورة أخرى، ما يجعل لهذا المهرجان الوطني مكانته الخاصة في نفسي وفي نفوس المثقفين خصوصاً وأبناء الوطن عموماً، ولما يعنيه لنا هذا المهرجان من قيمة معرفية كبرى». وأوضح الزيلعي أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة، من أهم وأعظم التظاهرات الثقافية في المملكة، «إذ حقق إلى جانب هذه المكانة حضوره عربياً، وحضوراً ومكانة في أنظار العالم، إلى جانب ما يمثّله بوصفه تظاهرة ثقافية موسمية، أعادت إلى أبناء المملكة الوعي العميق بموروثه وتراثه وأصالته، وجسّدت أمامه ما كان عليه ماضينا، وما عاشه أجدادنا، وما سلكوه من سبل الحياة التي لم تدركها الأجيال اللاحقة بهم». من ناحية أخرى، تتنوع فعاليات البرنامج الثقافي لمهرجان هذا العام، إذ تقام أمسيات أدبية وشعرية على مسرح القرية الشعبية بالجنادرية، إضافة إلى النشاط المسرحي للمهرجان بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون وأفرعها المشاركة، وتستضيف الجامعات، الإسلامية في المدينةالمنورة، والملك خالد في أبها، والملك فيصل في الأحساء وتبوك، ورش عمل، كما تنظم أندية الرياضوجدة والطائف والقصيم والحدود الشمالية الأدبية أمسيات شعرية بالتعاون مع المهرجان. وخصص البرنامج الثقافي جزءاً من نشاطاته، للحديث عن الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما خصص جزءاً للحديث عن إنجازات وقرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ومن الأنشطة، مستقبل الدولة الوطنية والتحديات المحلية والدولية، والصورة العربية والإسلامية في المخيلة الألمانية: العلاقات السعودية الألمانية منطلقات وآفاق. ودور العلماء في البناء الفكري للشباب، وموقف الدعوة الإصلاحية من التطرف والتكفير. الفريح والرويس والمانع والحميدي الثقفي أبرز شعراء «الجنادرية» من ناحية أخرى، أكد رئيس لجنة الأدب الشعبي في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة سعد الحافي، أن فعاليات الأدب الشعبي هذا العام تشمل دراسات أدبية وقراءات نقدية لأكاديميين ومتخصصين، مبيناً أن لجنة الأدب الشعبي «حرصت على أن تجدد في فقرات الأنشطة وفي الأسماء المشاركة التي تمثل نخباً مميزة من شعراء المملكة ودول الخليج». وقال الحافي ل«الحياة» إن نجاحات المهرجان وما يصاحبه من أنشطة وفعاليات التي منها الأدب الشعبي، تتحقق بفضل الدعم والرعاية التي يحظى بها المهرجان من وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الأمير متعب بن عبدالله، إذ أصبح «الجنادرية»، «أحد أهم المنابر الثقافية عربياً وعالمياً وتتسابق وسائل الإعلام من داخل المملكة وخارجها على تغطية فعالياته». وأضاف رئيس لجنة الأدب الشعبي، أن أنشطة الأدب الشعبي هذا العام، ستعقد كالآتي: محاضرة «الشعر العامي بين الإبداع ومزاحمة الفصحى» بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات، وتعقد مساء الأربعاء المقبل للدكتور عبدالرحمن الفريح ويديرها الباحث قاسم الرويس. ثم أمسية شعرية، تعقد أيضاً في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات، ويشارك فيها كل من الشعراء الحميدي الثقفي، وسيف السعدي (الإمارات)، وسليمان المانع، وبدر صفوق (الكويت) ويديرها زبن بن عمير. ومن الأنشطة محاضرة «الأدب الشعبي في مجالس الرواة» للدكتور عبدالله الربيعي، ويديرها عبدالله الرسلاني. ثم أمسية شعرية يشارك فيها سعد بن جدلان، وحمد بن محسن النعيمي (قطر)، وعبدالله بن زويبن الحربي، ويديرها على المفضي. أما الأمسية الشعرية الثالثة، فيشارك فيها كل من مسلط بن سعيدان، ومحمد السكران، وحمد شافي الدوسري، ومحمد الوسمي، ويديرها طلال المرشدي. وأكد الحافي أن الأدب الشعبي في مهرجان الجنادرية، يعد إحدى ركائز الفعاليات الثقافية، «لما له من شعبية وحضور جماهيري»، لافتاً إلى حرص لجنة الأدب الشعبي على مشاركة شعراء لهم بصماتهم الإبداعية في المملكة، وكذلك إبراز المواهب الشابة التي لم تأخذ حظها في الظهور الإعلامي.