تنطلق في مصر اليوم أول خطوة نحو الاستحقاقات الانتخابية الكبرى خلال العامين الحالي والمقبل، إذ تبدأ وزارة الداخلية المصرية في تلقي طلبات الترشيح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان). وكثّفت وزارة الداخلية من استعداداتها قبل ساعات من استقبال الراغبين في الترشح على 88 مقعداً في انتخابات الشورى التي ستشمل 67 دائرة انتخابية في غالبية المحافظات المصرية. وجاء ذلك في وقت بدأ الحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) في التشمير عن ساعديه استعداداً للانتخابات التي تمثل «البروفة الأخيرة» التي تسبق انتخابات مجلس الشعب المقررة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل والانتخابات الرئاسية في السنة المقبلة. وبدا أن الوطني يتحرك على محورين، ففي الوقت الذي يتحاشى الحزب الحاكم حدوث أي انقسامات داخلية في صفوفه بسبب اختيار أسماء مرشحيه، كثّف قادته من تحركاتهم الساعية إلى جذب المواطنين ووأد أي تحركات يقوم بها معارضون. وأوضح مدير إدراة الانتخابات في وزراة الداخلية اللواء محمد رفعت قمصان «أن الوزراة ستبدأ (اليوم) ولمدة خمسة أيام في استقبال أوراق الراغبين في الترشح على نصف عدد مقاعد مجلس الشورى». وشدد على أن «الداخلية المصرية لا تتشدد في تعاملها مع مرشحي المعارضة». وقال ل «الحياة»: «أي مرشّح تتوافر فيه الشروط التي وضعها القانون سيتم قبول طلبه». وأعلن أن «عدد المقيّدين في الجداول الانتخابية بلغ 40 مليون ناخب من بينهم 30 مليوناً من حقهم التصويت في انتخابات الشورى» المقرر إجراؤها مطلع الشهر المقبل. ولاحظ قمصان «إقبالاً متزايداً من جانب الشباب والمرأة على المشاركة والقيد في الجداول الانتخابية في العام الأخير». وأرجع ذلك إلى «حالة الحراك السياسي التي تمر بالبلاد، كذلك إقرار البرلمان المصري منتصف العام الماضي مشروع قانون يخصص 64 مقعداً في مجلس الشعب (للمرأة)». وشدد على أن أجهزة الأمن لن تسمح برفع المرشحين أي شعارات دينية من شأنها تكدير السلم العام وتكريس الطائفية، كما أكد أن واجب عناصر الشرطة هو «الحفاظ على كل الأطراف والقائمين على العملية الانتخابية في مراحلها كافة من دون الانحياز إلى فصيل أو مرشح ضد آخر»، رافضاً ما يقال من أن أجهزة الأمن تتدخل في العملية الانتخابية وفرز الأصوات. وتمثِّل انتخابات مجلس الشورى اختباراً صعباً للحزب في ظل احتدام الجدل السياسي في البلاد منذ وصول المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي وإطلاقه لحملة الإصلاح السياسي، كما أنها تمثل اختباراً لقدرات المعارضة المصرية على مقارعة الحزب الوطني قبل الدخول في معترك انتخابات مجلس الشعب والتي ينظر إليها في مصر على أنها «الأهم والأكثر تنافسية»، في حين تواجه الانتخابات بالكثير من الانتقادات بسبب افتقار إجراءات الاقتراع لضمانات النزاهة، على ما يقول معارضون، خصوصاً مع إلغاء التعديلات الدستورية التي أقرت عام 2007 الإشراف القضائي الكامل على صناديق الاقتراع. ودفع هذا الأمر أحزاب الجبهة الديموقراطية والغد والكرامة (تحت التأسيس) إلى إعلان انسحابها من سباق التنافس، في حين دعت حركة «كفاية» و «الجمعية الوطنية من أجل التغيير» التي يقودها الدكتور البرادعي، المصريين والمعارضة إلى عدم الاشتراك في ما وُصف ب «تمثيلية انتخابية يُخرجها الوطني». واستبقت أجهزة الأمن فتح باب الترشيح باعتقال القياديين في جماعة «الإخوان المسلمين» في محافظة البحيرة (دلتا النيل) الدكتور محمد جمال حشمت والمهندس أسامة سليمان وهما يستقلان سيارة قبل أن تدهم الشرطة منزل حشمت وسليمان. وردت الجماعة بالقول إن مثل تلك الإجراءات لن ترهبها، وأكدت أنها مستعدة بقوة لخوض غمار انتخابات الشورى. وقال عضو مكتب إرشاد «الإخوان» رئيس كتلتها البرلمانية النائب سعد الكتاتني: «ستمضي الجماعة في طريقها نحو المشاركة في انتخابات الشورى»، مشيراً ل «الحياة» إلى أن جماعة الإخوان استقرت على 15 عضواً سيتم الدفع بهم، لافتاً إلى أن ذلك العدد ربما يزيد خلال الأيام القليلة المقبلة. ويبدأ في 1 حزيران (يونيو) المقبل سباق الانتخابات على 88 مقعداً من إجمالي 132 هي نصف عدد مقاعد مجلس الشورى، ويعطي القانون الرئيس المصري الحق في تعيين ثلث هذه المقاعد (44 مقعداً) فيما تتنافس المعارضة والحزب الحاكم على الثلثين الباقيين (88 مقعداً). وتتوزع هذه المقاعد على دوائر في المحافظات المصرية كافة. ولن تتم هذه الانتخابات تحت إشراف قضائي لكن تم السماح ل 18 منظمة حقوقية في مصر بالمتابعة والإشراف على العملية الانتخابية.