1 العالم يتقدم .. العالم يتأخر! 2 تبعثرت أوروبا، في الأسبوع قبل الماضي، وتبعثر العالم معها إثر دخان بركان أيسلندا. العالم يتقدم .. بصعوده الى الفضاء البعيد. العالم يتأخر بعجزه عن الصعود الى الفضاء القريب. وفيما كانت وكالة الفضاء (ناسا) تعد الناس بقرب تمكنهم من الصعود إلى الفضاء، ها هم «عالقون» في مطارات غير قادرين على الصعود إلى ما دون الفضاء .. بسبب دخان! ولطالما قرأنا الآية الكريمة «يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس»، ولم نكن نتصور هذا الجبروت للدخان الذي يمكن أن يبعثر حياة الإنسان ويكسر جبروته وقدرته واختراعاته وناقلاته الضخمة، وهو دخان؟!! 3 أيسلندا التي كانت في قلب الحدث وعين المشاهد والمراقب .. عسى أن تُسكت بركانها عنّا، هي نفسها تلك الدولة الصغيرة التي تعرضت للإفلاس العام الماضي إثر الأزمة المالية العالمية، إلى درجة الإعلان عن عرضها للبيع إثر نفاد خزينتها من الأموال وإغلاق بنوكها وتفاقم ديونها. (راجع مقالتي «دولة مفروشة للبيع»، «الحياة» - 4/2/2009). هذه الدولة الصغيرة بسكانها الذين لم يتجاوزوا 320 ألف نسمة ومساحتها الضئيلة 103 ألف كلم مربع، يبدو أنها تحولت إلى بركان يثأر من العالم الرأسمالي الذي عرّضها للبيع. كان الثأر البركاني الأيسلندي قاسياً، فهو كلف قطاع الطيران فقط خسارة 250مليون دولار يومياً، أثناء «العلقة» التي أكلها العالقون! ويبدو أن الغضب الأيسلندي لن يتوقف عند هذا الحد، فصحيفة «الإندبندنت» البريطانية تفيد أن بركاناً أيسلندياً آخر قد يثور قريباً، ويتوقع أن يكون أشد وأقوى من البركان السابق. ويستعرض الرئيس الأيسلندي «قدرات بلاده» بالقول: «لأن تاريخ البراكين في بلادي يوضح أنها تنفجر بانتظام، فموعد انفجار بركان كاتلا «الموعود» أصبح قريباً، لأنه عادة يثور كل قرن، وآخر مرة ثار فيها كان عام 1918. وما نراه الآن ليس إلا مجرد بروفة لما سيحدث في الانفجار القادم»! 4 فيما تضرر الكثير من العالقين أثناء البركان، فقد استفاد آخرون واستمتعوا، ممن «تعلقوا» بدخان البركان عذراً أمام رؤسائهم في العمل أو «رؤسائهم» في البيت! فمكثوا في المدن الأوروبية أياماً إضافية ما كانت لتتاح لهم لولا تعلقهم بدخان الأعذار أو عذر الدخان. وبالأمس القريب كانت العواصف الممطرة على مدينة الرياض سبباً في وجود عالقين وإجازة مدرسية وحوادث قد لا تمنع الآباء من الاستمتاع بإجازات أبنائهم الطلاب. كأننا أصبحنا على مشارف نوع جديد من الإجازات المدرسية والوظيفية اسمه: (إجازة كوارث)، قد يُلزم إدارات شؤون الموظفين في العالم الجديد بتغيير نماذج الإجازات المعهودة من قبل، لتتماشى مع البراكين والسيول والزلازل. 5 إذا صدقت توقعات الرئيس الأيسلندي، فسيثور بركان كاتلا في غضون عام 2018. فهل ستنشغل وكالة ناسا بإيجاد حلول لتفادي علقة أخرى علينا، قبل التفكير في أخذنا الى الفضاء؟! العالم يتأخر .. العالم يتقدم! * كاتب سعودي [email protected]