استبعد رئيس الوزراء المغربي زعيم الاستقلال عباس الفاسي طرح ملف الإصلاحات الدستورية في الوقت الراهن، وقال في اجتماع المجلس الوطني لحزبه إنه يربطها «بما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد وحاجتها إلى دعم المكتسبات الديموقراطية وترسيخها». وأضاف أن الحديث عن الاصلاحات الدستورية «يجب أن يتم في إطار الوفاق الكامل مع ملك البلاد»، داعياً إلى إرجاء النظر في الموضوع وإيلائه ما يستحق من اهتمام «كون البلاد منشغلة حالياً بالاستحقاقات الانتخابية»، في إشارة إلى انتخابات البلديات الشهر المقبل. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يقف فيها الاستقلال وحليفه الاتحاد الاشتراكي عند مفترق طرق إزاء طرح ملف الاصلاحات الدستورية، خصوصاً أن الحزب الاشتراكي أقر بصورة منفردة رفع مذكرة في الموضوع الى العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأكدت مصادر حزبية فشل المساعي التي بذلتها قيادتا الحزبين للاتفاق على صيغة مشتركة بهذا الصدد، ما يؤشر إلى تزايد حجم الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في الائتلاف الحكومي الذي يقوده عباس الفاسي، إلا ان الأخير شدد القول على تمسك حزبه بالتحالف القائم في «الكتلة الديموقراطية» الذي يضم الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية. وإذ اعترف الفاسي ب «وجود فتور» في عمل هذه الكتلة، إلا أنه قال إن ذلك «لا ينفي أن هناك نقاط التقاء كثيرة» بين الأحزاب الثلاثة. ونفى الفاسي وجود أزمة حكومية، مشيراً إلى أن حكومته «تعمل بانسجام كامل بين أحزاب الكتلة الديموقراطية والغالبية المساندة لها». ورأى أن الإضراب الأخير الذي شلّ قطاع النقل وشاركت فيه مركزيات نقابية محسوبة على أحزاب الائتلاف الحكومي «نجم عن تهييج الرأي العام» اعتماداً على إشاعات طالت القوانين التي أقرتها حكومته حول تنظيم القطاع، وقال إن الذين يطلقون الأحكام على قانون السير «لم يطلعوا على مضمون مدوّنة السير»، في إشارة إلى حجم الغرامات المفروضة على مخالفي قوانين المرور. وأضاف أن حكومته تعاطت مع الإضراب الأخير بمنطق الحكمة «ولم تتدخل قوات الأمن على رغم الأضرار الفادحة التي أُلحقت بالممتلكات»، في إشارة إلى سقوط ضحايا وعرقلة حركة المرور وتعليق تزويد الأسواق بالمنتجات الغذائية والبنزين. إلى ذلك، أعلنت قيادة الاتحاد الاشتراكي أنها ستنظم الخميس وقفة احتجاجية أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لطلب كشف الحقيقة عن اختطاف واغتيال زعيم اليسار المغربي المهدي بن بركة، وكذلك «شجب حملة التهجّم» ضد صورة المعارض المغربي الذي اغتيل في ظروف غامضة في نهاية تشرين الأول (اكتوبر) 1965 في باريس. ويأتي تنظيم الاحتجاج على خلفية اتهامات وجهها عمدة فاس الكاتب العام للاتحاد العام للعمال حميد شباط العضو القيادي في الاستقلال ضد بن بركة، متهماً اياه ب «تصفية خصومه السياسيين»، في حين انبرت صحافة الاستقلال أمس موجّهة اللوم إلى أحد خطباء المساجد نعت الحزب بأوصاف «تؤجج الفتنة». وعلى رغم أن زعيم الاستقلال رئيس الوزراء عباس الفاسي أمسك عن الخوض في تفاصيل الاتهامات المتبادلة، فإن كلامه عن وجود فتور بين مكونات «الكتلة الديموقراطية» يميل إلى درجة التوتر والاحتقان التي تسود العلاقة بين الاستقلال والاتحاد الاشتراكي عشية الاستحقاقات الانتخابية، ما يفيد أحزاباً منافسة في اقتراع الثاني عشر من حزيران (يونيو) المقبل. وكان الاستقلال حاز المرتبة الأولى في اقتراع البلديات السابق يليه الاتحاد الاشتراكي، إلا أن الجدل الراهن حول حشد أكبر قدر من المشاركة في الانتخابات المقبلة يهيمن على الموضوع، فيما توقعت مصادر رسمية أن تزيد المشاركة على نسبة 50 في المئة.