لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية وجود إعلام خاص، في موازاة الإعلام الرسمي في بلد مثل سورية، سواء لمقارعته، أو المساهمة معه في استكمال الصورة التي غالباً ما تكون ناقصة في الإعلام الرسمي الموجه. وإذا كانت تجربة الصحافة المقروءة حققت بعض النجاح، فإن الحال ليست كذلك، بالنسبة الى الإعلام المرئي الخاص. بدأت الحكاية، قبل سنوات قليلة، مع فضائية «شام» السورية الخاصة التي أشاعت جواً من التفاؤل، بوصفها القناة الخاصة الأولى التي ظهرت في سورية بعد عقود استأثر خلالها التلفزيون الرسمي السوري بمشهد الإعلام المرئي. لكن سرعان ما انحسر هذا التفاؤل حين واجهت القناة صعوبات دفعت القائمين عليها إلى وقف البث، ومن ثم استئنافه من دولة أخرى. وهي في العموم، سواء في البداية أو الآن، لم تحقق المأمول منها، ولم تستطع أن تستغل الخصوصية التي تؤهلها للنجاح، والمتمثلة في كونها أول فضائية خاصة. ولم يكد يهدأ السجال حول «شام»، حتى ظهرت قناة «الدنيا» الخاصة؛ المملوكة من عدد من رجال الأعمال السوريين. وعلى رغم استمرار هذه القناة في البث ووجود استوديواتها في دمشق، غير أنها، كسابقتها، لم تنجح في الاهتداء إلى خطاب إعلامي مرئي يميزها، ويحفظ لها النجاح، ويظهرها ك «منافسة» ل «القناة الرسمية». بل تفاقمت المشاكل، المعلنة والخفية، في أروقتها، إذ استقال، قبل مدة، مديرها فؤاد شربجي، وتبعه عدد من مسؤولي ورؤساء الأقسام التي تشكل الهيكل الرئيس للقناة. ومع أن هذه التجربة أيضاً لم تحقق نجاحاً يذكر، فإن ما حصل لها أخيراً زاد الطين بلة، حتى وصل التخبط إلى بث «فيلم إباحي» لثوان قليلة على شاشتها، من طريق الخطأ! مع بدء بث قناة «المشرق» (اورينت) السورية الخاصة، مطلع العام الجاري، استبشر كثر خيراً، مرة أخرى، خصوصاً بعدما روِّج لهذه القناة بما يفيد أنها ستشكل نقلة نوعية على صعيد الإعلام المرئي ليس سورياً فحسب، بل، كذلك، على المستوى العربي. غير أن تجربة الأشهر الفائتة لم تتمكن من ترجمة هذه «البروباغندا». وللإنصاف لا بد من القول ان هذه القناة قد حققت تميزاً في عدد من البرامج والريبورتاجات، وتفوقت على سابقتيها، بيد أن الأخبار الأخيرة في شأنها غير مشجعة، إذ استقال، اخيراً، المدير الإقليمي لمؤسسة «لايف بوينت» التي تملك القناة. طبعاً، لا يتسع المقام هنا للبحث في أسباب تلكؤ هذه التجارب التلفزيونية الخاصة، ولكن يمكن استخلاص استنتاج يقول ان من الصعب وجود قناة خاصة في مقدورها مزاحمة التلفزيون الرسمي، ليس لأن الأخير عصي على المنافسة، بل ربما يتصل الأمر بالرقابة أو بعقلية القائمين على تلك القنوات. وفي انتظار فضائية تستطيع الاستفادة من أخطاء سابقاتها، فإن الساحة الإعلامية المرئية تقتصر على التلفزيون الرسمي الى حين ظهور المنافس، أو «البديل المؤجل»!