أحدث انهيار البناية السكنية المكونة من ثلاثة طوابق في حي الصحيفة (وسط جدة) أول من أمس نوعاً من الخوف والهلع لدى الكثيرين من قاطني الحي العتيق، الذين أبدوا خوفاً من حدوث انهيارات مماثلة. وعزا الكثير من أهالي الحي و(شعور الخوف ينتاب الكثير منهم) ل «الحياة» وجودهم المستمر في السكن داخل الحي، على رغم ضعف البنية التحتية وبلاء البنايات المشيدة فيه، التي تخطت عمرها الافتراضي منذ سنوات عدة، إلى الحال المادية الصعبة التي يواجهونها في «صمت»، وكذلك أشار عدد منهم إلى أن الحي بأكمله يعاني من انقطاعات متكررة للمياه تتجاوز مدتها في أحيان عدة الخمسة أشهر. وبنبرات حزينة جداً وقلب منفطر، يؤكد محمد عبدالله حسن (صومالي) أن انهيار البناية تسبب في فقدانه ستة من أبناء عمومته الصغار ودخول والدتهم إلى المستشفى وهي في حال خطرة من جراء تعرضها إلى الكثير من الكسور والرضوض في جسدها، لافتاً إلى أن البناية بأكملها كانت غير صالحة للسكن على اعتبار أن التشققات الكبيرة كانت واضحة للجميع. وأضاف حسن، أن صاحب البناية لم يستجب للكثير من نداءات السكان بضرورة إعادة ترميم البناية السكنية من جديد، خصوصاً أن عمر إنشائها تجاوز ال50 عاماً (بحسب شهادة كبار السن في الحي) لتأتي الفاجعة الكبيرة التي لم تكن في الحسبان مساء الجمعة بسقوط البناية المتهالكة على السكان الموجودين داخلها. وطالب المسؤولين كافة باتخاذ جميع الاحتياطات الاحترازية ومنع السكن داخل البنايات الآيلة للسقوط والواضحة بوجود تشققات كبيرة على جدرانها، «وهي للأسف موجودة وبكثرة داخل حي الصحيفة». من جهته، أكد أحد سكان الحي (جمعان صالح عفيف) أنهم فوجئوا بهدير قوي أعقبته سحب من الدخان الأبيض الكثيف حجبت الرؤية لمسافة كبيرة، هب على إثرها عشرات السكان بالتواجد في موقع الصوت، وكانت الفاجعة انهيار إحدى البنايات المكونة من ثلاثة ادوار، كان بداخلها ساعة سقوطها عدد من الأسر «الإفريقية»، وتم على الفور إبلاغ عمليات الدفاع المدني للإسراع في إنقاذ القابعين تحت الركام. وأضاف عفيف ل «الحياة» وهو عائد إلى منزله، أنه منذ حدوث الانهيار وعائلته تعيش لحظات خوف شديدة من حدوث انهيارات سكنية مقبلة، خصوصاً أن الحي بالكامل لا تتوافر فيه البنايات السكنية الآمنة، وأن الظروف المادية الصعبة هي ما أجبرتهم على البقاء فيه، على رغم انقطاعات الماء لفترات تتجاوز خمسة أشهر. وكشف سماعهم في وقت سابق أنباء عن عمليات إزالة كبيرة في «حي الصحيفة»، ولكنهم علموا قبل فترة قصيرة بعدم صحة عمليات الإزالة، إلا أن انهيار البناية سيعيد تكرار هذه الأخبار مرة أخرى. من جانبه، طالب أحد سكان حي الصحيفة (علي أحمد سليمان) المسؤولين بمعاقبة صاحب البناية المنهارة، لأنه لم يوفر وسائل السلامة كافة للأرواح التي بداخل المنزل وضرب بها عرض الحائط في مقابل المردود المادي. وقال: «كيف لصاحب المنزل أن يؤجر منزلاً توجد وبكثرة في جدرانه التصدعات والتشققات التي توحي بانهيار تام لجميع أرجائه». وجدد سليمان مطالبه للمسؤولين كافة بإخلاء جميع السكان من داخل الكثير من البنايات العتيقة في «حي الصحيفة» لعدم توافر وسائل السلامة المتعارف عليها في كثير منها، وأيضاً، لأن أكثر تلك البنايات تجاوز عمر إنشائها أكثر من 50 إلى 60 عاماً، وهذا يعطي مؤشراً خطراً بوجود انهيارات مقبلة ما لم يتم تدارك الأمر في القريب العاجل.