حينما تسير في حي سكني من أحياء العاصمة الرياض، ستجد عاملاً مشتركاً بين المباني، فغالبية مداخلها تحوي صناديق حديدية مشوّهة وتالفة. تعود هذه الصناديق إلى ما يسمى بمشروع «واصل» الذي استبشر به السكان بداية، قبل أن تنتهي هذه الصناديق التي يصفها كثيرون ب«غير العملية» إلى قطع معدنية تالفة. ثقافة البريد شبه معدومة في المملكة، فغالبية المواطنين لا يعلمون قيمة صندوق البريد، على العكس من الدول المتقدمة التي يعتبر فيها العنوان البريدي مهماً. خُرّبت الصناديق من «مجهولين» على الأرجح، لكن الغريب في الأمر أن أحداً لا يعرف عقوبة تخريب الصناديق! «الحياة» وجّهت السؤال حول العقوبة المطبقة بحق المخربين لقانونيين رجحوا أن تدخل ضمن إطار إتلاف المال العام، مع تقديم اعتراف مسبق بأنهم يجهلون عقوبة تخريب صناديق البريد. وكما هو معروف فالإنسان عدو ما يجهل، ومخربو الصناديق لم يعرفوا قيمتها، فما كان منهم إلا أن هشموا ما يجهلون فائدته، فضلاً عن «ثقافة المجان» التي لعبت دوراً كبيراً في تخريب ما ليست له قيمة محسوسة. لكن هناك من يجد ان ذلك لا يعني أن مؤسسة البريد لم تخطئ عندما لم تخطط لمشروعها الذي فشل كما يظهر جلياً، إذ لم تسبق توزيع الصناديق بحملة ترويجية وتوعوية، كما لم تضع في حسبانها احتمال التخريب. ويؤكد اختصاصيون أن خدمة «واصل» أثبتت فشلها، مطالبين بعودة النظام القديم، مبدين استغرابهم من فرض رسوم على الخدمات البريدية، كون الدول المتقدمة لا تأخذ في مقابل هذه الخدمة مالاً.