استشهد أربعة سعوديين وأصيب 36 آخرون بجروح بينهم رجلا أمن ظهر أمس، بحسب بيان أصدرته وزارة الصحة في وقت متأخر أمس، إثر حادثة اعتداء استهدفت مسجداً في محافظة الأحساء (شرق السعودية)، وهو سابع اعتداء يستهدف دور عبادة في البلاد خلال 16 شهراً. وكان انتحاريان حاولا دخول مسجد الرضا في حي محاسن (محافظة الأحساء)، إلا أن رجال الأمن الذين كانوا موجودين في المكان تمكنوا من رصدهما واعترضوهما، فبادر أحدهما إلى تفجير نفسه عند مدخل المسجد. فيما تبادل الآخر إطلاق النار مع رجال الأمن وأصيب وتم القبض عليه، وضبط في حوزته حزام ناسف. (للمزيد). وتلقى خادم الحرمين الشريفين برقيات من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، وولي عهد الكويت الشيخ نواف الأحمد، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك، أعربوا خلالها عن تضامنهم الكامل مع المملكة، وإدانتهم للحادثة الإرهابية. فيما دانت وزارات خارجية البحرين، والإمارات، وقطر، والجزائر، وباكستان، إضافة إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومفتي مصر الدكتور شوقي علام، الحادثة، مشددين على أنها «عمل جبان يستهدف أمن المملكة». وتكثف أجهزة الأمن السعودية حضورها قرب المساجد والجوامع، وبخاصة في المنطقة الشرقية. ويزداد مستوى الحضور الأمني أيام الجمعة، وذلك منذ التفجير الذي استهدف مسجداً في بلدة القديح (محافظة القطيف) قبل تسعة أشهر. ويعد هذا الهجوم الخامس الذي يستهدف مسجداً في السعودية، خلال الأشهر الماضية، ثلاثة منها في المنطقة الشرقية، واثنان في عسير ونجران (جنوب السعودية). فيما استهدفت حسينيتان (شرق البلاد) خلال شهري محرم من العام الماضي والحالي. وكان الناطق الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، في تصريح نقلته «وكالة الأنباء السعودية» (واس) قال: «إن التفجير نتج منه استشهاد اثنين وإصابة سبعة من المصلين». إلا أن الداخلية أوضحت في وقت لاحق، في تغريدة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن عدد الشهداء ارتفع إلى أربعة، والمصابين إلى 18، مشيرة إلى أن غالبية الإصابات «غير خطرة». فيما أعلنت وزارة الصحة في وقت متأخر من مساء أمس، أن عدد المصابين ارتفع إلى 36 مصاباً، غادر منهم 29، ويتلقى البقية العلاج. وأوضح اللواء التركي أنه «تمت الحيلولة دون تمكن شخصين انتحاريين من الدخول إلى مسجد الرضا في حي محاسن بمحافظة الأحساء، أثناء أداء المصلين صلاة الجمعة، وتمكن رجال الأمن من رصدهما أثناء توجههما إلى المسجد، وعند مباشرة رجال الأمن اعتراضهما بادر أحدهما بتفجير نفسه عند مدخل المسجد، فيما جرى تبادل إطلاق نار مع الآخر وإصابته والقبض عليه، وضبط في حوزته حزام ناسف». وأكد التركي أن الانتحاريين كانا يحملان رشاشين. وأشار إلى أن الحادثة لا تزال محل المتابعة الأمنية، مبيناً أن القبض على أحد منفذي العملية الإرهابية تم بالتعاون مع المواطنين، مشيراً إلى أنه ليست هناك معلومات عن هوية منفذي العملية الإرهابية. ووفق شهود عيان تحدثوا إلى «الحياة»، فإنه ما أن رفع إمام الجماعة كفيه لتكبيرة الإحرام، وفيما كان المصلون يستعدون لأداء الصلاة، حتى دوى صوت غريب قادم من بعيد يشبه أزيز الرصاص، فسارع المصلون إلى إغلاق الأبواب، وسط الذهول والتساؤلات، إلى أن قطع دوي انفجار قوي الشك باليقين بأن المصلين تمت محاصرتهم بهجوم إرهابي. وأدى انقطاع الكهرباء بعد الانفجار إلى حالة من الرعب، وتحولت سكينة المسجد الذي كان يعج بأكثر من 400 مصلٍّ، إلى مشهد كان الموت البطلَ الرئيس فيه، وبات الرصاص يتطاير في كل الاتجاهات، بشكل عشوائي. وقال عادل النمير (أحد المصلين) ل «الحياة»، إن أحد الإرهابيين دخل من الباب العلوي للحسينية المجاورة للمسجد، وبدأ بإطلاق النار باتجاه المصلين. وتشير رواية أحد المصلين إلى أن إطلاق النار بدأ على الدورية الأمنية الموجودة لحمايتهم، قبل أن يتوجه أحد الإرهابيين إلى بوابة المسجد ويفجر نفسه. وقام سكان المنازل المجاورة للمسجد بفتح أبوابهم لإيواء المصلين الفارين من الموت. فيما تطايرت أشلاء على جدران منازل قريبة، وانتشرت رائحة الموت في الحي، الذي كان يعج بالسكان من مذاهب مختلفة وأطياف اجتماعية شكلت تاريخ حي محاسن في الأحساء وحاضره. ويعد مسجد الرضا في حي محاسن أحد المساجد الكبيرة في المنطقة، وشيد قبل ثلاثة عقود. وتزيد مساحته على 500 متر مربع. وتناوب على إمامة المصلين في المسجد أربعة أئمة، عرفوا جميعاً بالتسامح والمناداة بالتعايش والحفاظ على النسيج الوطني، ونبذهم التطرف والإرهاب. الإرهاب يضرب مسجد الرضا في الأحساء.