أكد حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم أن الحكومة الجديدة يتوقع تشكيلها نهاية أيار (مايو) أو أوائل حزيران (يونيو) ولن تكون حكومة محاصصة أو ائتلافية وستضم الذين يشاركون الرئيس عمر البشير في برنامجه وأفكاره ويمكن أن تستوعب شخصيات غير حزبية. لكن المعارضة اتهمت حزب البشير باغتصاب السلطة عبر انتخابات مزورة، وقررت مناهضة الوزارة الجديدة وتعهدت إطاحتها عبر وسائل مشروعة. وجاء ذلك في وقت مدد مجلس الأمن ولاية بعثة الأممالمتحدة في السودان سنة جديدة (حتى نهاية نيسان/ابريل 2011). وقال مساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع في مؤتمر صحافي ليل الأربعاء إن الحكومة الجديدة ستستند على أساس برنامج سياسي، موضحاً أن الرئيس البشير يحتفظ بالحق في تعيين وزراء من غير الفائزين في الانتخابات التشريعية التي أعلنت نتائجها يوم الإثنين الماضي، مشيراً إلى أن أي جهة لا تؤمن ببرنامج البشير وتؤيده لن تكون جزءاً من الحكومة المقبلة حتى لا تكون «وزارة مشاكسات». ورأى أن نتيجة الانتخابات ستعزز العلاقة بين حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» لتسريع انجاز القضايا المتبقية من اتفاق سلام، مؤكداً أنه لا توجد عقبات حقيقية تحول دون إجراء استفتاء الجنوب على تقرير مصيره في موعده العام المقبل، لافتاً إلى أن الطرفين اتفقا على رئيس مفوضية الاستفتاء وسيستعجل الجانبان في استكمال ما تبقى من خطوات. وأعرب عن تفاؤله باختيار الجنوبيين خيار الوحدة إذا استفتوا من دون ما يؤثر فيهم. وأضاف نافع أن حزبه كان يتوقع فوزاً مريحاً في الانتخابات العامة ولكنه تفاجأ ب «الانحياز الكبير والفوارق الكبيرة جداً بين مرشحيهم ومنافسيهم». واعتبر الانتخابات المنازلة الأخيرة التي ستحسم الصراع مع القوى الداخلية والخارجية التي تريد إزاحة حكم البشير عن السلطة بعدما فشلت عبر الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية. لكن مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي للرئاسة حاتم السر الذي جاء ترتيبه رابعاً، قال إنه كلّف مجموعة قانونية تقديم دعوى أمام القضاء للطعن في نتائج الانتخابات واثبات بطلانها والمطالبة بإلغاء نتائجها وإعادتها من جديد، وهدد بتنظيم اضرابات واعتصامات وتسيير تظاهرات واحتجاجات. وأكد السر أن حزبه يمتلك الدليل القاطع والبرهان الساطع على تزوير الانتخابات في كل مستوياتها، وشدد على أنها لم تكن حرة ولا نزيهة، ووصفها ب «المهزلة». ورأى أنه لا يمكن الخروج من الأزمة التي دخلتها البلاد بسبب «الانتخابات المزوّرة» إلا باستقالة الفائزين نتيجة «التزوير الفاضح» فوراً وفتح الطريق لإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف مفوضية جديدة مؤهلة وقادرة ونزيهة. كما قرر حزب المؤتمر الشعبي المعارض مناهضة الحكومة الجديدة عبر حملة للهجوم على «الشرعية المدّعاة للنظام الجبروتي المستبدّ وإدانة إجراءاته الانتخابية وإعلان بُطلانها بكلّ وجوهها». وقال الحزب الذي يرأسه الدكتور حسن الترابي إنه لا يمكن اجراء انتخابات تحت مظلّة الحكم الحالي، ودعا الى حكومة انتقالية تشرف على انتخابات حرة ونزيهة. وقرر الضغط على النظام القائم «بندوات فردية ومشتركة ووفود عبر الوطن وتنظيم مواكب في كل المدن» والتنسيق مع بقية فصائل المعارضة. لكنه حذّر من «ثورة غير منضبطة العواقب»، مشدداً على ضرورة إقامة مشروع وطني متكامل. ورأى الترابي أن السودان سيكون حاله أسوأ بكثير لأن نتيجة الانتخابات العامة الأخيرة مكّنت للحكم العسكري ولم تأتِ بتغيير، ما أفقد السودانيين الأمل في الحصول على ما ظلوا يبحثون عنه على مدى ربع قرن. وأضاف الترابي أن الحزب الحاكم يريد أن يخاطب العالم والمحكمة الجنائية الدولية بانتخابات يشوبها البطلان، ويعتقد أن هذا يمكن أن يخلّص البشير من قبضة المحكمة الجنائية. وتابع: «أنا لا أعتقد ذلك، فإذا كنا نحن نعتبرهم غير شرعيين ولن نتعامل مع حكومتهم فلا أعتقد أنهم سينالون بهذه الانتخابات القبول الدولي». واعترف أن أحزاب المعارضة خسرت كثيراً بسبب غياب التنسيق الكامل في ما بينها، واقتناع «الحركة الشعبية» التي تحكم الجنوب بالحصول على «تفويض شعبي بقوة السلطة» تماماً كما فعل حزب المؤتمر الوطني في الشمال. وأشار الترابي إلى أن نتائج الانتخابات في الجنوب تؤكد خيار الانفصال لأن حزب المؤتمر الوطني لم يقدم لهم تنمية أو صدقاً في تنفيذ العهود. وأوضح أن الخطر سيكون كبيراً على الجنوب إذا ما انفصل عن الشمال لأن التربة ستكون مهيئة لاشتعال الحروب في الجنوب. لكنه استبعد نشوب حرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب بسبب قرار الانفصال المحتمل لأن الناس في غالبيتهم ضد الحروب. وحذّر من مغبة انتقال عدوى الانفصال إلى أبناء دارفور إذا ما استمر الظلم وأعمال القتل والسلب وحرق القرى والبيوت، وأضاف أن الضغط على الناس في معاشهم وحياتهم يمكن إن يدفعهم إلى الانفصال. وفي إقليمالجنوب الذي يتمتع بحكم ذاتي برز اتجاه قوي داخل «الحركة الشعبية» لاختيار أمينها العام باقان أموم ضمن التشكيلة الجديدة لحكومة الإقليم، على أن يؤول منصبه الحزبي إلى نائبه في قطاع الشمال ياسر عرمان. وقالت تقارير أمس إن التشكيلة الجديدة لحكومة الجنوب ستستوعب قيادات الصف الأول في الحركة وعلى رأسهم باقان أموم ووزير الخارجية دينق ألور ووزير شؤون مجلس الوزراء كوستا مانيبا، مشيرة إلى أن نحو 90 في المئة من أعضاء الحكومة الحالية سيفقدون مواقعهم في التشكيلة الجديدة. وأكدت مصادر مطلعة أن وزارة الخارجية ستؤول إلى حزب المؤتمر الوطني في الوزارة الجدية على أن تعوض «الحركة الشعبية» بوزارة أخرى. وقال باقان أموم في مؤتمر صحافي في الخرطوم إن حركته رهنت مشاركتها في الحكومة الاتحادية الجديدة ببرنامج تلك الحكومة، وأشار إلى أنها ارجأت اتخاذ قرار في شأن المشاركة إلى حين الاطلاع على البرنامج وما اذا كان متوافقاً مع اتفاق السلام وإجراء استفتاء الجنوب على تقرير مصيره في مواعده. واتهم حزب المؤتمر الوطني ب «سرقة السلطة للمرة الثانية عبر تزوير الانتخابات، بعد أن سرقها في المرة الأولى عبر انقلاب في 1989، ليجدد استمراريته عبر تزوير الإرادة الشعبية في السودان»، مؤكداً أن البشير وحزبه «لا يحظيان بأي تأييد في الشمال». وقال أموم إن الحزب الحاكم «يقف عائقاً أمام أهداف القوى السياسية السودانية في تحقيق الحريات وبناء نظام ديموقراطي تعددي»، موضحاً أن «الحركة الشعبية» بصدد إقامة مؤتمر لتحالف يجمع كل القوى السياسية المشاركة والمقاطعة في الانتخابات بما في ذلك الحركات الدارفورية المسلحة، وذلك بهدف إجبار الحزب الحاكم على «التنازل والقبول بالانتقال إلى نظام ديموقراطي». وعن الاتفاق بين شريكي الحكم على قبول نتائج الانتخابات، قال أموم إن «الحركة الشعبية» هي الحزب الذي حاز على غالبية الأصوات في جنوب السودان، وستشكل حكومة ذات قاعدة عريضة وستشرك فيها الأحزاب السياسية في جنوب السودان». واعتبر أن «الحركة الشعبية» بما أنجزته في الجنوب تتطلع لأن تشارك في تشكيل حكومة الخرطوم وتمثل جنوب السودان في هذه الحكومة وهي نسبة 30 في المئة على خلفية مقاطعة الحركة انتخابات الشمال. من جهة أخرى، نفى الجيش السوداني في شدة مزاعم متمردي «حركة العدل والمساواة» بقصف مواقعهم في دارفور، واعتبرتها سلسلة من الاتهامات ما زالت الحركة توجهها للقوات الحكومية منذ أيام. وقال مدير مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش الصوارمي خالد سعد إن «حركة العدل والمساواة» خرقت اتفاق وقف النار اكثر من 40 مرة منذ توقيعه، محذراً من أن الحركة ستُعامل بحسم في حال خروجها من المناطق الأربع المتفق عليها وهي رفيدة وبئر سليبة وجبل مون وجرجي قرجي. وكان الناطق العسكري باسم «حركة العدل والمساواة» علي الوافي قال إن الطائرات الحكومية قصفت مواقع الحركة في منطقة قرجي قرجي على بعد 15 كيلومتراً شرق جبل مون، ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص غالبيتهم من الأطفال والنساء.