برلين، ميونيخ، بروكسيل، بكين - رويترز، أ ف ب - حضت المفوضية الأوروبية أمس اليونان على تطبيق إصلاحات لخفض عجزها إذا رغبت في الحصول على قروض وعدتها بها شريكاتها في منطقة اليورو. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين إن المفاوضات لوضع اللمسات الأخيرة على برنامج المساعدة الدولية لليونان «شارفت على الانتهاء»، موضحاً أن القروض مشروطة بتطبيق إصلاحات. ويهدف رين بذلك إلى طمأنة ألمانيا المترددة والتي ستقدم الجزء الأكبر من المساعدة. ويزور مسؤولون في المفوضية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي أثينا حالياً للاتفاق مع السلطات اليونانية على شروط منحها قروض من دول منطقة اليورو والصندوق. وفي أثينا أفاد مصدر نقابي بأن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يطالبان اليونان بخفض عجزها 10 نقاط خلال سنتين وبخفض الرواتب في القطاع العام. وأدلى المسؤول النقابي بهذه التصريحات بعد اجتماع مع رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو. وتتسارع المحادثات حول خطة إنقاذ اليونان بين أثينا وصندوق النقد والاتحاد الأوروبي في مواجهة خطر انتقال عدوى الأزمة المالية لأثينا إلى دول أخرى تشكل حلقات ضعيفة في منطقة اليورو مثل إسبانيا والبرتغال. وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بكين أن هناك «تفاهماً كاملاً بين فرنساوألمانيا» على سبل حل أزمة الديون اليونانية الهائلة، مشدداً على أن باريس «مصممة بالكامل على دعم اليورو واليونان» وأن أوروبا لن تسمح للمضاربين «بزعزعة استقرار هذا البلد أو ذاك». ودعا رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه منطقة اليورو إلى وضع حزمة دعم لمصلحة اليونان لكبح خطر انتقال المشاكل إلى دول أخرى في الكتلة. ورأى مدير صندوق النقد دومينيك ستروس - كان أن «كل يوم يضيع هو يوم يسوء فيه الوضع أكثر فأكثر». وذكر برلمانيون ألمان التقوا المسؤولين أن المساعدة اللازمة لإنقاذ اليونان أصبحت تقدر بما بين مئة و120 بليون يورو على ثلاث سنوات. وكان الحديث يتعلق حتى الآن ب 45 بليون للسنة الأولى (30 بليون يورو من منطقة اليورو و15 بليوناً من صندوق النقد). وفي اتصال هاتفي، عبّر الرئيس الأميركي باراك أوباما ومركل عن ارتياحهما «لدعم صندوق النقد الدولي وأوروبا المرحب به» لكنهما دعيا اليونان إلى «القيام بتحركات» لسد العجز الهائل. وصرح رئيس البنك المركزي الألماني أكسل فيبر في مقابلة نشرت أمس أن تقديم مساعدة لليونان هو في نهاية المطاف الطريقة المثلى لتجنب انتقال عدوى مديونيتها إلى بلدان أخرى في منطقة اليورو. وفي إطار جهودها للتغلب على أزمة الديون والإفلات من العجز عن السداد تعهدت اليونان ببدء خفض مزايا سخية، غير أن من الصعب الخروج بإحصاءات دقيقة بسبب عقود من المحاسبة الفوضوية بالوزارات. يحصل عشرات الآلاف من بنات الموظفين الحكوميين غير المتزوجات أو المطلقات على معاشات آبائهن بعد وفاتهم ما يؤثر في شبكة الضمان الاجتماعي التي يقول خبراء إنها ستنهار خلال 15 سنة ما لم يتم إصلاحها. وتتوقع بيانات مفوضية الاتحاد الأوروبي أن يزيد الإنفاق اليوناني على معاشات التقاعد بنسبة 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 مقارنة بمتوسط في الاتحاد يقل عن ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي نظام يمكن أن يزيد فيه الأجر الشهري بواقع خمسة إلى 1300 يورو عنه في القطاع الخاص، يحصل بعض الموظفين الحكوميين على علاوة مقابل استخدام الكومبيوتر. كما يحصل البعض على علاوة لإجادته لغة أجنبية وآخرون لوصولهم إلى العمل في الموعد المحدد في حين يحصل كثير من العاملين في الغابات على علاوة للعمل في العراء. ويحصل الموظفون على راتب نصف شهر إضافي في عيد الفصح وراتب نصف شهر آخر في الصيف. ويُدفع راتب كامل للموظفين الحكوميين في عيد الميلاد عندما يستعد الاقتصاد كله للاستهلاك إذ يسمح القانون لسيارات الأجرة والمطاعم ومصففي الشعر بزيادة الأسعار «كهدية عيد الميلاد». وأحبطت النقابات العمالية على مدى عقود محاولات الحكومة لبيع شركة الخطوط الجوية «أولمبيك آروايز» ما كلف دافعي الضرائب الملايين في حين يتمتع الموظفون بمزايا سخية حيث كان يمكن لأسرهم السفر حول العالم مجاناً. وبيعت «أولمبيك» عام 2008 لكن بعدما قدمت الدولة تعويضات هائلة أو أعادت تعيين نحو 4600 موظف. وسد كثيرون منهم شوارع أثينا أخيراً احتجاجاً على عدم حصولهم على جميع مستحقاتهم مقابل إنهاء الخدمة. وتؤكد منظمة التعاون والاقتصاد والتنمية أن الدولة تملك 74 شركة غالبيتها شركات مرافق ومواصلات وكثير منها متخم بالعمال ويتكبد خسائر. ويعمل لدى شركة السكك الحديدية الرئيسة نحو تسعة آلاف شخص وسجلت خسائر بلغت 800 مليون يورو في عام 2008. وأكدت الحكومة إنها ستدمج عدداً من الشركات الحكومية وتبيع حصصاً في أخرى. وشكلت الحكومة مئات اللجان على رغم أن مهمات غالبيتها غير واضحة. ولدى اليونان، مثلاً، لجنة لإدارة بحيرة كوبيس التي جفت في ثلاثينات القرن الماضي. وأبقت التوترات مع الخصم اللدود تركيا الإنفاق العسكري اليوناني أعلى بكثير من نظيره في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ليصل إلى 14 بليون يورو أو ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عامي 2007 و2009.