كشفت مصادر مطلعة في وزارة حقوق الانسان ل «الحياة» عن تشكيل لجان خاصة «للبحث والتقصي» في قضية السجون السرية التي اثارتها صحيفة اميركية وتضارب تصريحات مسؤولين عراقيين في شأنها وكشفت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ادلة جديدة حول ممارسة عمليات تعذيب منتظمة في سجون غير شرعية. وقال مصدر رفيع من وزارة حقوق الانسان، التي امتنع كبار موظفيها عن التعليق الرسمي امس، ل «الحياة» ان «الوزارة اصدرت توجيهاتها الى كبار مسؤوليها تمنعهم من الخوض في قضية السجون السرية عبر وسائل الاعلام المختلفة». وأشار المصدر الى ان «الوزارة بصدد تشكيل لجان متخصصة لزيارة السجون التابعة لوزارات الداخلية والدفاع والعدل بهدف الاطلاع على اوضاعها والوقوف على حالات الانتهاكات ان وجدت في بعض السجون». وتابع «هذه الجولات ستكون مصحوبة بفرق اعلامية للاطلاع عن كثب على احوال المعتقلين ورفض كل التقويلات والشكوك التي تحوم حولها». وقال المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي ل «الحياة» ان «الحكومة العراقية كانت السباقة في كشف تلك القضية والكشف عن الانتهاكات التي كان يتعرض لها المعتقلون، وهو امر يحدث في اكبر الدول وسبق وان سجلت حوادث مماثلة في سجن ابو غريب ايام سيطرة القوات الاميركية عليه». وأضاف «الحكومة العراقية سعت وبشكل جدي الى الوقوف على حقائق الامور بهذا الصدد وأحالت المتورطين باعمال الانتهاكات والتعذيب الى المحاكم المختصة». وتابع «اما مسألة السجون السرية سبق وان انكرتها الحكومة العراقية واعلنت ذلك صراحة، وهنا يجب التأكيد على قضية مهمة وهي ان دوافع سياسية تكمن وراء اثارة مثل هذه القضايا في هذا الوقت الحرج بهدف ضرب الحكومة واتهامها بالفشل». وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» قدمت ما قالت انها «ادلة» على وجود سجن سري ببغداد اعتقل وعذب فيه العشرات من العراقيين. وذكرت انها اجرت مقابلات مع اربعين شخصاً قالوا انهم كانوا اعتقلوا في هذا السجن وعذبوا فيه. وكانت صحيفة اميركية قالت ان المئات من السجناء من العرب السنة تعرضوا للتعذيب في سجن سري في بغداد تديره وحدة عسكرية مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. ونقلت وكالة «اسوشييتد بريس» الاميركية للانباء عن كامل امين وكيل وزارة حقوق الانسان العراقية قوله إنه «قبض على ثلاثة من ضباط الجيش على خلفية هذه القضية». وكان احد نزلاء السجن وصف تعرضه للضرب والتعذيب بالتيار الكهربائي والخنق بكيس بلاستيكي. وقال وكيل وزارة حقوق الانسان إن 431 شخصاً على الاقل القي عليهم القبض في محافظة نينوى الشمالية في العام الماضي ونقلوا الى منشأة تابعة لوزارة الدفاع ببغداد. وطالبت نقابة المحامين العراقيين بإغلاق السجون والمعتقلات السرية وتسليمها الى وزارة العدل كونها الجهة الرسمية المسؤولة عن السجون في العراق. وقال بيان للنقابة تسلمت «الحياة» نسخة منه ان «هذه السجون الموجودة في مطار المثنى ومقر قيادة الفرقة الثانية في الموصل ومكافحة الاجرام في تلعفر وغيرها التي كشفتها المنظمات المعنية بحقوق الانسان تشكل خرقاً للقانون وانتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان». وأضاف ان «ما يتعرض له ابناء الشعب العراقي من اعتقالات عشوائية غير مبررة وأكثرها من دون اوامر قضائية ما كان ليحصل لولا تعطيل الدور القانوني والدستوري للمحامين». واكد ان «نقابة المحامين ستمارس دورها المعهود في الدفاع عن الحريات واطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت ادانتهم قضائياً».