ما انفك أهالي الطائف يلوكون سبب انقطاع المياه، من دون جدوى إثر تواصل معاناتهم مع شح المياه المريب الذي طاول بحسب بعض الأهالي أحياءً من دون أن تشعر بوجوده أحياء أخرى في ذات المحافظة السياحية! ما دفع بعض قاطني «الأولى» إلى أن يعمدوا إلى إلقاء فلذات أكبادهم في مكامن الخطر ل «استجلاب الماء»! وفي الموقع المخصص لتوزيع صهاريج المياه، تثاقلت عقارب ساعة الطفل عبدالرحمن الطهراوي (14 عاماً)، حيث بات ليلته في الموقع الذي قادته الخطى إليه بناءً على توجيهات أسرته في الساعة الرابعة عصراً ولم يفارقه إلا بعد مرور زهاء 12 ساعة، إذ عاد إلى منزله ظافراً بصهريج مياه مع إطلالة أولى نسمات الصباح!. يقول الطهراوي ل«الحياة»: «رضخت كعادتي لأوامر أسرتي بجلب صهريج مياه بعد أن طالت معاناتنا من انقطاع المياه المتكرر، ولكنني لم أتخيل مطلقاً أنني سأبيت ليلتي هناك، كان الوضع مأسوياً جداً، أرهقني الانتظار وأضناني، ما اضطرني إلى التغيب عن مدرستي في اليوم التالي، مضحياً بمستقبلي التعليمي في سبيل الخلاص من هاجس انقطاع المياه، الذي يؤرق جل سكان المحافظة». ويشارك الطهراوي أطفال كثر في المعاناة، إذ يؤكد الطفل خالد القناوي (16 عاماً) أنه كاد يدهس غير مرة تحت عجلات شاحنات وسيارات عدة تسابق قادتها على الخروج من «الشيب»، ويقول: «ما إن انقضى يومي الدراسي حتى عدت إلى المنزل، حيث تركت كتبي ومستلزماتي المدرسية وأخذت مبلغاً مالياً بغية جلب صهريج مياه، وانطلقت تحت شمس الظهيرة الحارقة لأتسمر في الموقع منتظراً دوري، الذي لم يحن باكراً». وزاد: «تناولت وجبتي الغداء والعشاء في أجواء لوثتها إفرازات عوادم صهاريج المياه، وتيارات الأتربة والغبار المتطايرة من الموقع، وعصفت بي صعوبات بالغة أرضختني قسراً لسطوة من هم أكبر مني سناً الذين تنافس بعضهم على أخذ دوري، ولم أتمكن من الحصول على صهريج مياه أعود به إلى المنزل إلا في الهزيع الأخير من الليل». بدوره، وضع المأذون الشرعي لعقود الأنكحة ناصر الثبيتي علامات استفهام عدة حول أزمة انقطاع المياه في محافظة الطائف، وقال ل«الحياة»: «تنعم أحياء يقطن داخلها أقاربي بتدفق المياه بصورة شبه أسبوعية، بينما يئن الحي الذي أسكنه من الظمأ وكثرة الأوبئة من جراء انقطاع شريان الحياة فيه». من جهة ثانية، كشف ممثل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في محافظة الطائف عادل الثبيتي ل «الحياة» تلقي الجمعية شكاوى من مواطنين طالبوا بتدخل الجمعية لوضع حل لأزمة انقطاع المياه المتكرر. وأكد أن لجوء بعض أولياء الأمور إلي الزج بأبنائهم (تحت سن ال 18) تحت أشعة الشمس الحارقة وتعرضهم للأتربة والغبار المثارة في الموقع يعد نوعاً من ممارسة الإيذاء ضد الأطفال، ومخالفة صريحة لاتفاقات حقوق الطفل الدولية، وحمّل الجهات المسؤولة عن أزمة مياه الطائف جزءاً من المسؤولية في هذا الجانب، ووعد برفع الإشكالية إلى فرع الجمعية في منطقة مكةالمكرمة.