كان اسم ميشال تورنييه أوّل الأسماء التي تخطر في البال عند تسمية كبار الكتّاب الفرنسيين الذين على قيد الحياة، قبل أن يتوفّى عن 91 سنة في بلدة «شوازيل» قرب باريس، ليلتحق بأسلافه الروائيين المعروفين ممّن أثروا المكتبة الفرنسية والعالمية بأعمال أدبية لا تُنسى. لم يدخل تورنييه، المولود لأبوين فرنسيين متخصصين بالأدب الألماني، عالم الكتابة في سنّ مبكرة، بل انتظر حتى تجاوز الأربعين من عمره كي يكتب أول أعماله الروائية «الجمعة، أو الردهات الهادئة» (دار «غاليمار-1967)، وفاز عنها بالجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، فاكتسب من ثمّ شهرة واسعة، خصوصاً بعدما أعاد كتابة روايته بأسلوب موجّه للأطفال في العام 1971، واختار لها عنوان «الجمعة، أو الحياة المتوحشة» التي تُرجمت إلى 35 لغة تقريباً، وبيعت منها ملايين النسخ. والمعروف أنّ الرواية تحولت إلى فيلم سينمائي العام 1996، وحققت نجاحاً إضافياً. وعن سبب تأخّره في دخول مجال الكتابة الأدبية، على رغم موهبته الكبيرة، قال تورنييه مرّة في إحدى حواراته الصحافية: «كان لديّ شيء سري جداً وحساس لكي أكتب عنه وكان من الضروري أن أتصف بالنضج الكافي لأعرف كيف أعبّر عنه». عمل تورنييه، الذي ظلّ اسمه يتردّد ضمن المرشحين للفوز بجائزة «نوبل»، على صوغ القصص التاريخية والأساطير في أعمال إبداعية تنوعت بين الرواية والقصة وأدب الأطفال. وكان الراحل قد عمل في فنّ التصوير وإعلامياً في الإذاعة والتلفزيون ومدققاً في دور النشر. وتُعدّ أعماله من كلاسيكيات الأدب المعاصر، ومن أهمّها «ملك الأون»، التي حاز عنها جائزة «غونكور» (1970) ليغدو بعد عامين فقط عضواً في أكاديميتها. وكان تورنييه الكاتب الوحيد الذي نال جائزة غونكور الأدبية بالإجماع. كان الكاتب يعيش في «شوازيل»، جنوب غربي باريس، وهو الذي صرّح مرّة أنّه لا يحتمل «العاصمة»، فاختار بلدة جميلة وهادئة ليعيش فيها بمفرده، وطلب أن يُدفن فيها تحت إحدى الأشجار التي اختارها بنفسه. وقال لوران فيليكوليس الذي كان يعتبره الكاتب ابنه بالتبني لوكالة فرانس برس، «كنا نعيش معه على مدار الساعة فهو لم يعد قادراً على البقاء بمفرده منذ ثلاثة أشهر بسبب وضعه الصحي».