خفض صندوق النقد الدولي اليوم (الثلثاء) توقعاته للنمو العالمي في 2016 وحذر من مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني والانكماش في البرازيل وهبوط أسعار النفط. وقال الصندوق في توقعاته الجديدة إنه وبعد تحقيق نمو من 3.1 في المئة في 2015، يتوقع أن يتحسن إجمالي الناتج الداخلي العالمي هذه السنة إلى 3.4 في المئة ولكن بوتيرة تقل عن 0.2 نقطة مقارنة مع التوقعات السابقة التي نشرت في تشرين الأول (أكتوبر). وتوقع الصندوق زيادة أدنى من المتوقع في النشاط الاقتصادي في 2017 إلى 3.6 في المئة (أقل ب 0.2 نقطة)، مع تاكيده على أن ذلك عائد إلى الوضع «الخطر» للعديد من الدول. وكتب الصندوق أن «النمو العالمي قد ينحرف عن مساره في غياب إدارة جيدة للتغيرات الاقتصادية المهمة» في إشارة إلى الصين التي تسعى إلى إعادة توجيه اقتصادها نحو الاستهلاك الداخلي. وعلى رغم التقلبات الحديثة في أسواق المال وتباطؤ النشاط، أبقى الصندوق توقعاته بالنسبة للصين هذه السنة على ما هي عند 6.3 في المئة وهو أضعف أداء خلال ربع قرن. ويتقاطع ذلك مع إعلان السلطات الصينية اليوم تراجع النمو إلى 6.9 في المئة خلال 2015، وهو كذلك الأدنى خلال 25 عاما. وحذر كبير اقتصاديي الصندوق موريس أوبستفلد من أن المخاطر التي تنطوي عليها هذه التوقعات «تكثفت خلال الاشهر الماضية ومن أن العالم قد يسير على طريق محفوفة بالمخاطر هذ السنة ولا سيما في الدول الناشئة». واعتبر الصندوق أن الرهان كبير لأن الدول الناشئة المتأثرة بالتباطؤ العام والدول النامية تمثل في الإجمال أكثر من 70 في المئة من النمو العالمي. وأدى التباطؤ النسبي للعملاق الصيني إلى خفض أسعار المواد الأولية، مشيعا مخاوف من انتقال عدوى التباطؤ إلى الدول الناشئة المصدرة لها، وفق الصندوق. وذكر الصندوق أن «ضعف النمو يؤدي إلى انخفاض أسعار مواد أولية عدة، ويحرم الدول المصدرة من مصدر مهم للموارد تعتمد عليه لتحقيق النمو. أما هبوط أسعار النفط إلى أقل من 30 دولار للبرميل وهو الأدنى منذ 12 عاما، فقال صندوق النقد إن «تأثيراته الإيجابية على المستهلكين أضعف من المتوقع». وأوضح الصندوق أن «هبوط الأسعار يضعف كلفة الانتاج في قطاعات عدة وله تاثير إيجابي على المستهلكين، لكن هذا التأثير الإيجابي لهبوط أسعار النفط يتراجع مع زيادة خسائر الدول المنتجة الخاضعة لضغوط كبيرة وضياع الاستثمارات الكبيرة التي تم توظيفها في استخراج النفط والغاز». جاء هذا ليضاف إلى المشاكل التي كانت تعاني منها أصلا بعض الدول الناشئة مثل روسيا الخاضعة لعقوبات اقتصادية على صلة بالازمة الأوكرانية والتي يتوقع أن تبقى في حالة انكماش هذه السنة مع نمو سلبي من نقطة واحدة، والبرازيل (ناقص 3.5 في المئة) والتي تعاني من «عدم الاستقرار السياسي ومن التداعيات المستمرة لفضيحة الفساد في شركة بتروباس النفطية»، بحسب صندوق النقد الدولي. ويخشى صندوق النقد ان تجر البرازيل معها لدى سقوطها كل القارة الاميركية اللاتينية التي توقع أن تعاني من انكماش جديد بنسبة 0.3 في المئة هذه السنة. أما افريقيا جنوب الصحراء فهي أفضل حالا نسبيا مع توقع نمو 4 في المئة هذه السنة. ويكمن الخطر الجديد على الدول الناشئة في التطبيع التدريجي للسياسة النقدية الأميركية والذي بدأ في كانون الأول (ديسمبر) وأسهم في تقوية وضعها المالي وفي وقف تدفق الرساميل وانخفاض جديد في أسعار العملة، وفق الصندوق. وفي معسكر الدول الصناعية، لا تزال الولاياتالمتحدة تتقدم الجميع حتى مع خفض الصندوق توقعه للنمو فيها لهذه السنة ب0.2 نقطة إلى 2.6 في المئة بذريعة قوة الدولار الذي يشكل عبئا على النشاط الصناعي، وتراجع النشاط في القطاع النفطي. أما في اوروبا، مركز الازمة، فتشهد منطقة اليورو انتعاشا بطيئا مع توقع زيادة في النمو بنسبة 0.1 نقطة الى 1.7 في المئة على رغم تراجع بسيط في الصادرات. ويفترض أن تقود اسبانيا مع 2.7 في المئة وألمانيا مع 1.7 في المئة وفرنسا مع 1.3 في المئة اقتصاد المنطقة هذه السنة، وفق الصندوق الذي خفض توقعاته لفرنسا. واعتبر الصندوق أن موجة الهجرة تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة إلى سوق العمل الأوروبية، داعيا إلى اتخاذ مزيد من التدابير لدمج المهاجرين والاستفادة من المنافع الاقتصادية للهجرة على المدى البعيد. مؤكدا أن «موجة الهجرة تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة إلى قدرة استيعاب سوق العمل في الاتحاد الأوروبي وتحديا للأنظمة السياسية». وأبدى الصندوق قلقه من تصعيد الاعتداءات الارهابية وازدياد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، موضحا أن «تصعيد التوترات الجيوسياسية يمكن أن يزيد إضعاف الثقة وبلبلة التجارة العالمية».