كشفت مصادر أن ملف قضية سقوط رافعة «الحرم المكي» أعيد إلى هيئة التحقيق والادعاء بمكة المكرمة؛ لاستكمال إجراءات التحقيق قبل إحالتها إلى المحكمة المختصة لمحاكمتهم شرعاً. ولم توضح المصادر في حديثها ل«الحياة» ما دُوِّن في ملف القضية من هيئة التحقيق والادعاء العام في الرياض، إلا أنها أكدت إرسال ملف القضية في وقت سابق؛ لإبداء رأيهم حوله. وأكدت أن ملف القضية حوى أسماء متهمين، بينهم مهندسون ومشرفون على مشاريع توسعة المسجد الحرام، ويعملون تحت إدارة الشركة التي تشرف على المشروع، مؤكدة أن تلك الأسماء أوضحت في إفادتها للمحققين الكثير من المعلومات حول حادثة السقوط وأسبابها. وأضافت المصادر أن أقوال المتهمين في ملف القضية تضمنت نقاطاً تمحورت حول آلية إدارة تنفيذ تلك المشاريع الكبيرة، إضافة إلى أقوال كبار المهندسين والمختصين في عمل الرافعات الكبيرة في مشاريع الإنشاءات، وغيرها من الأمور المتعلقة بالعمل في التوسعة، ولاسيما في ظل الكثافة البشرية حول المشروع طوال أيام السنة. وأشارات إلى أنه في حال الانتهاء من الإجراءات الخاصة بالتحقيقات في مثل هذه القضايا، فإن «المدعي العام» سيعد قرار اتهام بحق المتهمين الواردة أسماؤهم في القضية، ومن ثم تحويلها إلى المحكمة المختصة للنظر فيها. وسبق أن اكشفت مصادر «الحياة» أن المتهمين في ملف القضية في حال إدانتهم سيواجهون تهماً عدة، أبرزها إزهاق الأرواح، والإهمال بعد الالتزام بوسائل السلامة المتبعة في مثل هذه المشاريع، مشيرة إلى أن المتهمين بينهم مهندسون ومديرو تشغيل في الشركة المنفذة لمشاريع توسعة الحرمين الشريفين. ولفتت إلى أن التحقيقات الأولية كشفت التزام الشركة المنفذة بوسائل السلامة التي يتطلب وجودها، ولاسيما في ظل الكثافة البشرية لزوار المسجد الحرام في موسم الحج، موضحة أن الكثير من النقاط الجوهرية التي خرج بها المحققون بعد تقصِّي حقائق سقوط الرافعة. وجاءت تلك التحقيقات التي بدأ فيها «المدعي العام» على خلفية أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بإحالة نتائج التحقيق وكل ما يتعلق بهذا الموضوع إلى هيئة التحقيق والادعاء العام؛ لاستكمال إجراءات التحقيق مع «مجموعة بن لادن السعودية» بعد سقوط الرافعة. يذكر أن حادثة سقوط الرافعة نتج منها أكثر من 107 حالات وفاة، وإصابة أكثر من 238 من حجاج بيت الله الحرام، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجَّه بصرف مليون ريال لكل ذوي شهيد ومصاب إصابة بالغة نتج منها إعاقة دائمة، و500 ألف ريال لكل مصاب، إضافة إلى استضافة اثنين من ذوي كل متوفى من حجاج الخارج ضمن ضيوفه لموسم الحج في العام المقبل، مع تمكين من لم تمكِّنه ظروفه الصحية من المصابين من استكمال مناسك حج هذا العام من معاودة أداء الحج العام المقبل ضمن ضيوفه، ومنح ذوي المصابين الذين يتطلب الأمر بقاءهم في المستشفيات تأشيرات زيارة خاصة لزيارتهم والاعتناء بهم خلال الفترة المتبقية من موسم حج هذا العام والعودة إلى بلادهم. وأرجع الأمر الملكي السبب الرئيس للحادثة إلى تعرض الرافعة لرياح قوية، بينما هي في وضعية خاطئة، وأن وضعية الرافعة تعتبر مخالفة لتعليمات التشغيل المعدة من المصنع والتي تنص على إنزال الذراع الرئيسة عند عدم الاستخدام أو عند هبوب الرياح، ومن الخطأ إبقاؤها مرفوعة، إضافة إلى عدم تفعيل واتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وعدم تطبيق مسؤولي السلامة عن تلك الرافعة التعليمات الموجودة بكتيب تشغيلها، يضاف إلى ذلك ضعف التواصل والمتابعة من مسؤولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، إضافة إلى عدم التجاوب مع خطابات جهات معنية بمراجعة أوضاع الرافعات، وبخاصة الرافعة التي وقعت، وتحميل المقاول «مجموعة بن لادن السعودية» جزءاً من المسؤولية عما حدث لما أشير إليه من أسباب، وإعادة النظر في عقد «الاستشاري شركة كانزاس»، ومراجعة أوضاع جميع الروافع الموجودة بالمشروع، والتأكيد على توفير جميع متطلبات واحتياطات الأمان والسلامة فيها.