أكد مسؤول مصري رفيع المستوى ل «الحياة» أن بلاده «لن ترضخ» لمطالبة حركة «حماس» بتعديل ورقة المصالحة الفلسطينية التي صاغتها القاهرة «من نقاط التوافق خلال جلسات الحوار الفلسطيني». ورأى أن رئيس المكتب السياسي ل «حماس» خالد مشعل «غير مستعد لإنهاء الانقسام لأنه يشكل بالنسبة إليه ورطة»، معتبراً أنه «يختلق الحجج والذرائع لتبرير موقفه الرافض لتوقيع ورقة المصالحة». وقال: «إذا كان (مشعل) يعتقد أن مصر يمكنها أن ترضخ وتقوم بإجراء التعديل الذي تطالب به حماس على الورقة، فهو مخطئ وهذا لن يحدث على الإطلاق... إذا كان لدى حماس الاستعداد للتضحية من أجل الشعب الفلسطيني الذي يعيش في حال ضنك، فليحضر إلى القاهرة ويوقع على الورقة. ونحن من جانبنا سنراعي عند تنفيذ الاتفاق كل مطالبهم». ونقل عن رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان طلبه من وفد فلسطيني التقاه إبلاغ مشعل بأن «عمر سليمان لا تُثنى ذراعه». وشدد على أن التعديل مستبعد «لأن عدم إجراء أي تعديل في الورقة المصرية هو قرار الرئيس حسني مبارك شخصياً»، غير أنه أوضح أن «ورقة المصالحة هي مجرد مبادئ لاتفاق والأهم من الورقة هو روح الاتفاق». واعتبر أن «المهم هو إزالة الحقد من النفوس بين الفصيلين (فتح وحماس) وتنقيتها ولم الشمل، فالجانبان معاً لهما ما لهما وعليهما ما عليهما... والورقة المصرية مجرد بداية وخطوة إلى الأمام في طريق إنهاء الانقسام واستعادة اللحمة الفلسطينية. المشوار ما زال طويلاً وشائكاً، والخلاف السياسي بين الجانبين كبير». وعزا تعطل المصالحة إلى «عدم توافر نية لدى الجانبين معاً». وقال: «حتى لو وقعا الورقة، فالمصالحة لن تتحقق لأن النية غير متوافرة والمصالحة ليست في مصلحة الجانبين معاً». وأضاف: «على رغم أن حركة فتح وقعت الاتفاق، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يسعى حالياً إلى إنجاز المصالحة بسبب الجمود الحالي في العملية السلمية وفشل الإدارة الأميركية في ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية الحالية تجعلها تستجيب لاستحقاقات العملية السلمية، لذلك فإن أي مصالحة ستعقد مع حماس، ولو شكلية، ستصب في مصلحتها وتقوي موقعها في الضفة الغربية على حساب مكانة عباس، لذلك فهو لن يسعى إلى إنجاز مصالحة حقيقية بالفعل قبل أن يحقق إنجازاً ما على صعيد العملية السلمية يقوي مركزه». ولفت المصدر إلى أنه «في حال إبرام مصالحة وطنية، فإن حماس ستطالب بأن تكون شريكة في الحكم، وهذا أمر طبيعي، لكن في هذه الحال ستوقف إسرائيل اتصالاتها مع السلطة الفلسطينية والرئاسة لأن حماس لا تعترف بإسرائيل وترفض نبذ العنف، وهنا ستتعرض السلطة والرئيس الفلسطيني لحصار مماثل للذي فرض على الرئيس ياسر عرفات، إضافة إلى أن شراكة حماس في الحكم في وقت ينظر الاميركيون إلى حماس باعتبارها تياراً إرهابياً، ستوقف كل الدعم والمساندة السياسية والمادية للسلطة الفلسطينية». وشدد على أن «حماس أيضاً لا تريد المصالحة لأنها تسيطر الآن على قطاع غزة وتظهر أمام العالم وكأنها فصيل مقاوم. وتحت هذا العنوان ومقابل هذا الوضع تحصل على الأموال من إيران، فإذا ذهبت حماس إلى المصالحة، ستتخلى إيران عن دعمها ومدها بالمال». ولفت إلى أن أية انتخابات مقبلة «لن تحقق لحماس المكاسب التي حصدتها في السابق. وحماس تفهم أنها ستضطر لخوض انتخابات عقب التوقيع على ورقة المصالحة بفترة وجيزة لا تتعدى بضعة أشهر، وتدرك الآن تماماً أن شعبيتها في غزة انخفضت كثيراً». وتساءل: «هل ستقبل حماس بعد أن حصلت على أكثر من 70 مقعداً في المجلس التشريعي، بأن تخسر أكثر من ثلث هذه المقاعد؟». وأوضح أن «الناس في غزة لن يصوتوا لها باستثناء عناصرها بالطبع، وهنا قد لا تحصل على ما يزيد على 30 مقعداً، لذلك فالمصالحة لا تصب في مصلحتها، إضافة إلى أن استمرار حماس مسيطرة على غزة ومنفردة بالحكم يجعلها بعيدة من المحاسبة». وأوضح أن «هناك نقطة ضعف كبيرة تواجه حماس، وهي المحاسبة والخضوع للقانون في حال شراكتها في الحكم عقب المصالحة، لأنه حينئذ ستتشكل لجنة قضائية للتحقيق في التجاوزات والجرائم التي وقعت، وستخضع حماس للمساءلة، وهذا أمر لا يلائمها لأنها ارتكبت مخالفات كبيرة، لذلك هي تريد أن تظل فوق القانون ولا تتعرض للمساءلة. وهذا لن يتحقق في ظل المصالحة». وأكد أن «مصر تسعى إلى تخفيف الحصار عن قطاع غزة». وقال: «فكرنا في إنشاء سوق ضخمة تلبي حاجات أهالي القطاع عبر الحدود، على أن يكون هناك مراقب أوروبي لضمان خلو السلع والمنتجات من أية سلع مخالفة مثل الذخائر أو المواد الكيماوية المحظورة، لكن تم استبعاد الفكرة خشية أن تستغلها إسرائيل في التخلي عن مسؤولياتها تجاه القطاع وتغلق المعابر». ولفت إلى أن «إسرائيل تسعى إلى فصل غزة عن الضفة تماماً وعدم تحمل أي مسؤولية تجاهها، واستبعادها من أي تسوية مستقبلية»، مشدداً على «تمسك مصر بربط قطاع غزة بالضفة الغربية، لأن غزة جزء من الدولة الفلسطينية ولا جدال إطلاقاً في ذلك».