إذا قامت دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلت سنة 1967، فأنا أقبل وجود اسرائيل في الشرق الأوسط. ما سبق واضح، إلا أنني زيادة في الايضاح، وأتحدث كمواطن عربي، أعبر عن موقفي بطريقة أخرى فأقول: إذا قامت دولة فلسطينية مستقلة أعترف بإسرائيل اعترافاً يتبع قيام هذه الدولة ولا يسبقها. وإذا أصرّت اسرائيل على ضم أي أراضٍ فلسطينية محتلة عن طريق المستوطنات أو التهويد، فإنني عند ذلك سأطالب بفلسطين التاريخية كلها من البحر الى النهر، ثم أطلب أن يعود اليهود من حيث جاؤوا طالما أنهم لا يقبلون أن نبقى حيث كنا. لن أدخل في التفاصيل، فما دعاني الى هذا الكلام هو مقال لي أثار اهتمام القراء، كما يبدو من عدد الرسائل، فقد قلت إن فلسطين كلها أرض محتلة، وكنت أرد على بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان، ورفضهما مبادرة السلام العربية والحديث عن «ترانسفر» مع أن الترحيل يجب أن يبدأ بوزير خارجية اسرائيل فيعود الى مواخير مولدافا مع الحثالة التي ينتمي اليها. مفهوم؟ أرجو ذلك لأنني تلقيت رسائل تؤيد ما ذهبت اليه، ولكن كان معها عدد أكبر من رسائل قراء يصرون على عودة فلسطين كلها ولا يقبلون أي حل آخر، بل كان هناك من خرج الى مهاجمة ايران أو غيرها. قضيت يومين في توجيه ردود شخصية على ما استطعت من رسائل بعد أن تأخر البريد الإلكتروني، وأعتذر عن أي تقصير، وأكمل بمقال لي حاولت أن أنصف فيه مصر وحزب الله بعد اكتشاف الخلية المعروفة. هنا أيضاً وجدت من أيدني، كما كان هناك من هاجم مصر بقسوة، أو هاجم حزب الله وايران وأنا معهما. غير أن أكثر الرسائل كان من نوع «نعم ولكن...» وهو ما ذهب اليه الأخ أيمن الدالاتي في رسالته، إلا أنني أريد أن أتناول فيها فائدة لغوية فقد قلت «أزعم أن مصر وحزب الله في خندق واحد مع الفلسطينيين ضد اسرائيل...» والأخ أيمن قال: «قلت إنك تزعم، والزعم ليس المؤكد...». أعتذر لأن دراستي أدبية وقد استعملت الزعم بمعنى اليقين، وفي القاموس أن «الزعم هو القول يكون حقاً أو باطلاً»، وهي بمعنى الباطل كما في القرآن الكريم «زعم الذين كفروا أن لنْ يُبعثوا». وهي بمعنى اليقين كما في قول أبي طالب لرسول الله: ودعوتني وزعمت أنك ناصح/ ولقد صدقت وكنتَ قبل أمينا». وعندي رسائل عدة عن المرأة وحقوقها في بلادنا وعبر التاريخ تعليقاً على حلقتين لي عن الموضوع، وقد رددت على بعض الرسائل، وربما أعود الى بعض آخر بعد الأسبوع القادم لأنني أوشك على الانتهاء من مقال جديد عن الموضوع زاويته سعودية. القراء يهتمون كثيراً بعمل إدارة باراك أوباما، وهم يعلقون على ما أكتب ويزيدون آراءهم، وأفسح لبعضهم المجال: القارئ الهادي الطبيب من ليبيا يحذر من خبث الاسرائيليين في السعي لمصالحهم، ويذكرنا بأنهم افتعلوا فضيحة اخلاقية للرئيس كلينتون، وقد يختلقون أكبر منها لباراك أوباما. ورأيي أن هذا صعب لأن أوباما يعرف تجربة كلينتون، من دون أن أربط تلك الفضيحة بإسرائيل وأنصارها. القارئ عبدالرحمن حنيش يقول إنه لو وطد الزعماء العرب علاقتهم بباراك أوباما وساعدوه فستكون النتيجة مزيداً من الضغط على اسرائيل لقيام دولة فلسطينية. والقارئ عدنان عثمان يقول إن بطانة جورج بوش الفاسدة كانت سبب هلاك أميركا اقتصادياً وسياسياً وضياع سمعتها حول العالم، ويرجو لكل زعيم عربي بطانة صالحة. القارئ الشريف أحمد الملحاني يؤيد ما ذهبت اليه ثم يشكو من أن السنوات العشرين الماضية لم تشهد سوى مزيد من انتصارات اللوبي الصهيوني وخلافات العرب والمسلمين. وأختتم بشيء خفيف لتخفيف الوطأة السياسية هو الألقاب بعد أن كتبت مقالاً من وحي الألقاب التي خلعها العقيد معمر القذافي على نفسه في قمة قطر. لن أذكر اسماء لترجيحي أن القارئ لا يريد أن أفضحه، وقد وجدت ألقاباً جدية مثل: الإمام العلامة المفسر غرة الزمان ومجدد العصر. وشعرت كأنني المخاطب بهذا الكلام. وكان هناك: فارس الفرسان وصاحب الهم المعظم، والكَرَب المفخّم، والفم المكمم، والجيب المؤمم، ذو الحاضر المؤلم والمستقبل المظلم. وأيضاً: أبو الجواهر، أبو العبد، أبو ياللي اخترع الألقاب، ومع كل هذا، أبو عيون جريئة.