تحول الجدل المستمر حول الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، التي أنشئت قبل أكثر من عام ونصف العام، إلى اتهامات متبادلة بين الجمعية والفنانين التشكيليين الذين يصفونها بالعجز والفشلوبأنها لم تمارس حتى الآن الدور المأمول منها، بل يتهمونها صراحة بأنها لم تعد تمثل المشهد التشكيلي المحلي. وانتقد الدكتور محمد الفارس، في حديث مع «الحياة»، مجلس إدارة الجمعية الحالي، الذي تسبب في هروب الفنانين الذين كان عددهم عند تأسيس الجمعية 300 عضو، أما آخر إشارة صدرت من أحد الأعضاء فتفيد بأن المنضمين رسمياً للجمعية في حدود المئة عضو، وهذا بعد انقضاء مدة إدارتهم التي انتهت بنهاية شعبان الماضي. وذكر الفارس في تصريحه: «ان الجمعية لم تحقق أياً من أهدافها المنشودة إلا أنشطة بائسة، مثل توقيع كتاب محمد الرصيص عن تاريخ الفن التشكيلي في المملكة»، معدداً الأخطاء التي كانت السبب في فشل الجمعية بقوله: «ان مجلس الإدارة لم يحاول استقطاب الفنانين ونيل ولائهم والاستفادة منهم فور تأسيسها، وتسبب في هدر الدعم المقدم من الوزارة، واستأجر مقراً لا نطمح إليه في مرحلة التأسيس، وكانت هناك بدائل مجانية ضمن مؤسسات ثقافية، وأكثر من ذلك أن مجلس إدارتها خالف اللوائح والأعراف، ومن ذلك طريقته في اختيار شعار الجمعية وفوز أحد أعضاء المجلس الذي حكّم المسابقة في الوقت نفسه. مضيفاً: «من الواضح أن المجلس الحالي فشل إدارياً ومن الخطأ استمراره، وبحسب علمي فإن بعض الأعضاء انسحب عملياً ولم يدفع قيمة اشتراك العضوية». وحول ما يقترحه لإصلاح الوضع القائم، قال الفارس: «في نظري أن المجلس الحالي غير شرعي لأنه يخالف اللائحة التي أقرها الأعضاء، ووافقت عليها الوزارة، ويجب إجراء انتخابات عبر مراكز في كل مناطق المملكة. وهذه أول خطوة للإصلاح كما يجب ضم شخصية مشهود لها بالقدرة الإدارية ليصبح مديراً تنفيذياً لها. وليس استقطاب (الشلّة)، كما يجب وضع فروع رسمية في كل المناطق. والاستعانة بالفنانين ذوي الخبرة الطويلة في قيادة الجماعات التشكيلية مثل الدكتور فؤاد مغربل وسعد العبيّد وغيرهما». هذه الانتقادات نقلتها «الحياة» لنائب رئيس الجمعية السعودية للفن التشكيلي محمد المنيف الذي استجاب سريعاً، ورد على من اتهم الجمعية بالفشل، قائلاً: «كلمة الفشل مؤلمة وما يتم في الجمعية الآن لا يتعدى التأسيس إذا قارنا ولادتها بولادة الجمعيات الخليجية التي لا زالت تعاني كما نعاني، مع أن بعضها تجاوز الخمسين عاماً، والبعض يعرف هذا الأمر لكن غالبية من يتهم الجمعية بالفشل لا يعلمون عن واقع تلك الجمعيات أكثر من حدود رأس الأنف»، مضيفاً: «من يرى الجانب الفارغ من الكأس يحكم بما يراه. الجمعية ليست لفئة من الناس وفي نظامها الأساسي فقرة يحق للأعضاء المؤسسين فيها حل المجلس اذا لم يرغبوا بوجوده، ولتعلم أن أولئك الفنانين لا يقدمون غير النقد من دون الحلول، ثم أين هؤلاء ال300 فنان المؤسسين من تسديد الرسوم أو زيارة الجمعية. إذ لم يتسلم بطاقة العضوية إلا القلة القليلة التي لا تؤكد اهتمام البقية بجمعيتهم مع أن تسديد الرسوم والحصول على بطاقة العضوية أهم شروط حضور الجمعية العمومية المقبلة، ولا يمكن لأي عضو مؤسس أن يشارك من دون استكمال هذا الإجراء». وتحدث المنيف عن الأنشطة التي أنجزتها الجمعية قائلاً: «قدمنا ما نستطيع من نشاط أسهم فيه الزملاء الدكتور صالح خطاب وناصر الموسى والسكرتير نواف العتيبي بجهد يشكرون عليه مهما كان قليلاً، ومن تلك الأنشطة معرض للأعمال المنفذة في ملتقى الزميل الفنان سعد العبيد، والذي نعتبر استجابته لإقامة المعرض دعماً يشكر عليه، مع أمسية تحدث فيها الزميل العبيد عن الملتقى، وأقمنا أمسية للفنان فؤاد مغربل عن مسيرة فناني المدينة»، مضيفاً: «لدينا برنامج مشترك مع قسم التربية الفنية في جامعة الملك سعود أقيم منه عدد من الأمسيات، كما أسهمت الجمعية مع وزارة التعليم العالي في تأمين 100 عمل فني، وإعداد معرض خاص بالتعاون مع وكالة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة بطلب من وزير التعليم العالي لاقتناء أعمال لتجميل مبنى الوزارة، وستقام معارض مشابهة في بقية المناطق قريباً. ولنا الآن لقاءات مع وكالة الشؤون الثقافية لبناء جسر تعاون بيننا وبين الوكالة، ممثلة في إدارة الشؤون الثقافية لإقامة العديد من الأنشطة». وعلق المنيف حول توصيف الفارس لحفلة توقيع كتاب الرصيص بالنشاط البائس بقوله: «أما عن تكريمنا للفنان محمد الرصيص، فهو قليل في حقه ليس للكتاب فقط، بل لكل الجهود التي بذلها ويبذلها قبل وبعد تأسيس الجمعية منها الظاهر ومنها الباطن من دون إعلان. والزمن كفيل بتبيانها، فالدكتور الزميل والصديق محمد الرصيص يعمل معنا بصمت بالنصح والتوجيه والإرشاد في ما يتعلق بالأنظمة من دون ضجيج أو تغليف حقائق، كما يفعلها البعض ممن ينهش في جسد لا يزال طرياً». وحول رده على مطالبة الفارس بإصلاح وضع الجمعية الحالي قال: «ليس لدينا وضع سيئ إلا في عدم تفاعل التشكيليين مع جمعيتهم وزيارتها والحوار مع أعضاء المجلس، فقد هيئنا ملتقى أسبوعياً لهذا الأمر، لم تحضره سوى أعداد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في مدينة تضم الكثير من التشكيليين، إضافة إلى انتظار ما يتم الإعداد له من وزارة الثقافة لمنح الجمعية موازنة ثابتة، تعوضها عن السلفة التي كان يقتطعها الوكيل السابق الدكتور عبدالعزيز السبيل من موازنة جمعية الثقافة والفنون»، مشيراً إلى أن النظرة إلى الجمعية اقتصرت على جوانب شخصية، بسبب عدم الرغبة في أحد أعضاء المجلس، ووضع ذلك فوق الهدف الأسمى للجمعية، معلناً للجميع ومن خلال الحياة «أنني على استعداد لتسليم منصبي إلى أي فنان يستطيع تغيير مسار الجمعية نحو الأفضل، بالقدرات المتواضعة التي تعيشها الجمعية». وبالنسبة لانتقادات عملية اختيار شعار الجمعية، أجاب المنيف بقوله: «الحديث في هذا الموضوع لا يقدم ولا يؤخر، وهل للشعار علاقة بتحرك التشكيليين نحو جمعيتهم؟ وهل كان الشعار هدفاً أكثر من أهمية الأخذ بالجمعية؟». وأضاف: «لا اعتقد أن أي إنسان يعمل في أي مجال يعطي للشعار ما أعطاه التشكيليين لشعارهم من أهمية، وهذا تأكيد على أنه ليست هناك قضايا أو مشكلات أو نقص في أداء الإدارة، فجعلوا من هذه القضية وتراً رخواً يعزف عليه من لا يحفظ النوتة، مع أننا مقتنعون بأسلوب التحكيم والاختيار، ويكفي اعتماده الرسمي من الوزارة»، متسائلاً: «هل في تغيير الشعار وإعادة تصميمه ما يقنع التشكيليين بالتعامل مع الجمعية؟ لا اعتقد ذلك».