يركّز الإعلامي السعودي سليمان الهتلان، في برنامج «حديث العرب» عبر قناة «سكاي نيوز»، على الجذور الفكرية والأبعاد الثقافية للقضايا أو الأحداث التي يعالجها، من خلال ضيوف وصفهم ب «النخبويين». وفي حوار ل «الحياة»، يلفت الهتلان الى أن ضيوفه من «نخب المفكرين والمثقّفين من أصحاب الطروحات الفكرية المعمقة»، وبرنامجه «يعطي مساحة من الحوار العميق لأصوات مهمة، ولا بد من أن تتاح للمشاهدين فرصة التفاعل معها ومع أفكار ورؤى جديدة». وحول التفاعل في البرنامج يقول: «تتاح للمشاهد فرصة التفاعل مباشرة مع ضيوف البرنامج، قبل بثّ الحوار وبعده، ثم يتم التنسيق لتسجيل حلقة إضافية مع الضيف بعد أسبوع من بثّ اللقاء الرئيس، ويتاح له أن يجيب عن أسئلة أو تعليقات المشاهدين في حلقة إضافية خاصة تبث عبر «يوتيوب» ويتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي». ويوضح أن ضيوف «حديث العرب» ينتمون إلى «طبيعة البرنامج واهتماماته، من مثقفين ومفكرين ومعنيين بأبعاد فكرية للقضايا الملحة للنقاش والحوار، مثل إشكالات التطرف الفكري وظواهر التكفير والإقصاء والطائفية والتواصل مع الآخر». ويستدرك: «لا نحاول فرض أي اتجاه على الحوار بمقدار ما نسعى الى تحقيق معادلة مهنية لحوار عميق ومفيد تكون فيه الفكرة هي نجم الحلقة». وعن الجدل الذي أثارته حلقته الشهيرة مع رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً، أحمد الغامدي، التي ناقشت مواضيع من ضمنها إقفال المحال وقت الصلاة، يشير الى أن «كثيراً من الأفكار القابلة للنقاش والأخذ والرد، تصبح قطعية لا تقبل الحوار حولها عندما يُلبسها بعضهم ثوب القدسية». ويزيد الهتلان: «أسعى قدر الإمكان الى أن يكون الحوار تلقائياً وحديثاً يجر بعضه بعضاً، وفي الوقت ذاته أحاول أن أستثمر وقت البرنامج لتغطية معظم المحاور التي أعتقد أنها جديرة بالنقاش. الجيد في البرنامج، أن الجزء الثاني من الحوار مع الضيف الذي يبثّ لاحقاً عبر «يوتيوب»، يمنح فرصة لاستكمال نقاط لم يسعف الوقت لمناقشتها خلال الحلقة الرئيسة، ويعطي الضيف فرصة لمزيد من الشرح أو التوضيح، كما يُمكّن المشاهد من التعليق أو السؤال في مسائل يشعر بأنها ما زالت في حاجة الى مناقشة». وينفي اعتماده أسلوب إحراج الضيف، ويقول: «ما يهمني هو التفاعل مع الضيف في حوار متفاعل يتيح للمشاهد فرصة سماع رأي أو آراء تعكس وجهات نظر مختلفة وقابلة للصواب والخطأ، لكل مُحاور أسلوبه وشخصيته وطبيعة حواره، وأنصح بعدم تقليد أحد وإنما بالاستفادة من تجارب الآخرين، مع الاحتفاظ ب «كاريزما» خاصة تميز كل مقدم أو محاور عن غيره». ويشكو من أن حواراته يجريها غالباً «مع مثقفين ومفكرين لا يحبون المقاطعة، خصوصاً عند الإجابة عن قضايا عميقة وربما معقدة وتحتاج إلى شرح تاريخي». ثم يعود وينفي سعيه إلى إحراج ضيوفه: «هدفي من الحوار ليس إحراج الضيف أو الاستعراض بقدرات إعلامية معينة تحاصره في زاوية معينة، ربما لو كان برنامجاً سياسياً أحاور عبره شخصيات سياسية لكان أسلوب الحوار مختلفاً، أقول ربما». وعن الضيف الأصعب يعترف الهتلان: «هو الذي لا يسعفني الوقت للتحضير للحوار معه بما يكفي لمعرفته جيداً ويساعد في فهم فكره وتجربته بعمق». لكن، من هي الفئة الأهم، التي ستكون محور طاولة النقاش في الفترة المقبلة؟ يجيب: «المفكرون والمثقفون من ذوي الرؤى التنويرية والجريئة في معالجة مشكلات العالم العربي الفكرية والدينية والسياسية، وهذا لا يلغي إمكان استضافة إعلاميين أو سياسيين مهمين لهم قراءة فكرية للأحداث التي نناقشها». أما عن نجاح برنامجه فيقول: «أتمنى أن نكون نجحنا في طرح أفكار جريئة ومهمة للحوارات المتعلقة بالتنمية والفكر والتجديد والإصلاح. نعلم أن التغيير الفكري طريقه طويل وفي حاجة الى جهد قطاعات واسعة ومتنوّعة، لكنني على ثقة بأن الإعلام يستطيع أحياناً كثيرة اختصار المسافات».