نشرت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية أخيرا تقريراً عن ألمانيا تطرقت فيه إلى كيفية معالجتها تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية الدولية عليها، وذكرت فيه «أن في إمكان العالم أن يتعلم دروساً مهمة من ألمانيا». وأضافت المجلة: «أن السلعة الألمانية الأكثر رواجاً حالياً في الخارج قد تكون النموذج الألماني ذاته». وسبق التقرير تقرير آخر في صحيفة «دي فيلت أم زونتاغ» الألمانية بعنوان «الأعجوبة الألمانية» جاء فيه أن العالم «مندهش من الوضع الجيد الذي خرجت به ألمانيا من الأزمة»، مشيرة إلى أن البلد «يقف على رجليه من جديد، وأن الإطراء يأتي حتى من الانغلوساكسونيين المعروفين بتشاؤمهم». وتابعت الصحيفة أن الأزمة المالية في ذاتها «أعطت فرصة للآخرين لإعادة تكوين صورة جديدة عن ألمانيا بعد أن سبق لمجلة «ايكونوميست» أن أشارت إلى «أن حالة ألمانيا كأكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيئة». وكانت المجلة تنبأت عام 1999 بأن ألمانيا «ستصبح رجل أوروبا المريض». وأوضحت الصحيفة الألمانية أن سبب الاندهاش أن ألمانيا التي سجلت ركوداً شديداً السنة الماضية، إذ وصل معدَّل الانكماش الاقتصادي في نهايتها إلى 5 في المئة، لم ترتفع البطالة فيها إلا بصورة محدودة، وهما أمران لا ينسجمان سويّةً في علم الاقتصاد على قول الخبراء. وأضافت أنه حتى في قطاع إنتاج الآلات الذي خسر 25 في المئة من إنتاجه السنة الماضية لم يجر تسريح أكثر من 40 ألف عامل. واعترفت المجلة البريطانية بأن التعاون الذي حصل بين النقابات العمالية وأرباب العمل أظهر أن النموذج الألماني أفضل من نظيره الانغلوسكسوني. ونتج عن هذا التعاون تحت رعاية الحكومة ومساهمتها المالية، اتفاق على تأمين دوام جزئي يتعهد أرباب العمل بموجبه بعدم تسريح عمالهم لقاء تكفل الدولة بدفع جزء مهم من رواتبهم. صحيح أن هذه الخطوة كلّفت خزينة الدولة بلايين اليورو، ألا أنها لا تقارن بالكلفة التي كانت ستنتج عن ارتفاع كبير في البطالة وفي علاواتها. وكتب الباحث السياسي الأميركي في جامعة شيكاغو غيري هيريغل أنه يعتقد «بأن نموذج النمو الألماني أفضل من النموذج الأميركي حتى قبل اندلاع الأزمة الدولية». وأضاف: «نمو ألمانيا كان سليما أكثر من نمو الولاياتالمتحدة، والبحبوحة التي تم توفيرها في ألمانيا كانت أكثر استدامة بكثير». وخلصت صحيفة «دي فيلت أم زونتاغ» الألمانية إلى القول: «بلدنا أصبح من جديد على ما يبدو نموذجاً طليعياً، ما يؤكد أن تحديث الاقتصاد واستعادة حيويته ممكن من دون التخلي عن تقليد مشاركة العمال الإدارة في التقرير». وقررت الحكومة الألمانية بعد التشاور مع أرباب العمل والعمال أخيراً تمديد العمل في الدوام الجزئي لمدة سنة ونصف السنة عند الحاجة علماً أن الطلبات من الخارج والداخل عادت تتدفق على الشركات الألمانية، إضافة إلى أن تفاؤل رجال الأعمال إلى ازدياد.