شعور كما لو أن أحداً تسلسل خلسةً، ودفعك من الخلف فأسقطك أرضاً، هو الذي يجعلني أسجل هذا الايضاح. لقد حدث نهار السبت بتاريخ 17/4/2010 ان أقامت «الهيئة اللبنانية لكتب الأولاد LBBY» احتفالاً في مبنى الأونيسكو في بيروت، وكان من بين نشاطات الاحتفال منح جائزة لأفضل كتاب لبناني للطفل بين عامي 2008 و2010. رئيسة الهيئة السيدة عايدة صعب (الرئيسة الفخرية للهيئة هي السيدة جوليندا أبو النصر) وقفت في الاحتفال وأعلنت أمام حشدٍ من الكبار والصغار ان كتابين اثنين كانا يستحقان الجائزة وهما كتابي «الأصدقاء الأعداء» (منشورات دار الحدائق) وكتاب فاطمى شرف الدين «تنورتي» (منشورات «أصالة» للنشر والتوزيع). وأن لجنة الجائزة وجدت صعوبة كبرى في تفضيل أحد الكتابين على الآخر، ويبدو أن فحصاً ميكروسكوبياً حصل بعد ذلك، فأنقذ اللجنة من معاناتها وجعلها تمنح الجائزة لكتاب «تنورتي». كان يمكن المناسبة أن تمر بسلام لو لم تنقل السيدة عايدة صعب أخبار الصراع بين عملي والعمل الآخر، وتذيع على الملأ أن كتابي خسر والكتاب الآخر فاز، فالتصرف الطبيعي في مثل هذه المناسبات يستدعي اعلان اسم الفائز والتستر على اسم الخاسر، إلا إذا كانت السيدة صعب ومن يحتشدون وراءها، يريدون اضفاء شيء من الإثارة، غير المقبولة، على المناسبة... لكنني أرجح أنهم طيبو النية وقد قصدوا من وراء هذا الإعلان الى ترضيتي وتشجيعي على متابعة الكتابة للأطفال فكأنهم يقولون لي: لا تجزع، ان عملك لا بأس به، وقد كان يمكن أن ينال الجائزة لولا أنه أضعف قليلاً من عمل منافستك. والخلاصة، فإن ما حدث في الأونيسكو اعتبرته تشهيراً صريحاً بي سواء كان ذلك مقصوداً أم غير مقصود. وهذه ليست المرة الأولى التي أتلقى فيها مُزاحاً ثقيلاً من الهيئة اللبنانية لكتب الأولاد. ففي ذات صباح من ربيع أو صيف العام 1996 رنَّ جهاز الهاتف في بيتي، فإذا بالهيئة اللبنانية لكتب الأولاد على الخط، وإذا بصوت لعله صوت رئيسة الهيئة آنذاك يقول: «مبروك أنت من الفائزين بجائزة أدب الطفل عن كتابك «يوم خارج المدرسة». ومن دون أن تأخذ نفساً تابعت تقول: «وقد تبرَّعنا بالمبلغ الذي فزت به للمدارس الفقيرة»! أو «... بكتب للمدارس الفقيرة». الخجل والإحراج، وظني بأن الهيئة مؤسسة انسانية آنذاك جعلتني لا أعلق على الموضوع. على أنني لم أخرج خاوياً من هذا الفوز، فقد حصلت على درع تقدير خشبي بحجم الكفّ، ويحمل اسم اللجنة، تسلمته من وزير التربية آنذاك الأستاذ جان عبيد. ان ما أعرفه عن الهيئة اللبنانية لكتب الأولاد أنها ذات نشاطات واسعة في انتخاب وتأمين كتب ومكتبات الأطفال للمدارس وغيرها. وأتمنى هنا، ألا يكون أشخاص الهيئة الذين ينتخبون كتب المدارس هم أنفسهم الذين ينتخبون كتب الجوائز! وبعيداً عن الأونيسكو، والهيئة اللبنانية لكتب الأولاد، فإن أدب الطفل في بلدنا يعاني عللاً وتشوهات تستدعي الانتباه الشديد من كل شخص منا، لأن الموضوع يمس كل بيت وكل أسرة، فنحن نلعب هنا بالمستقبل وبأشد العناصر حساسية في مادة حياتنا.