اكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن طهران باتت «أكبر قوة صاروخية باليستية في الشرق الأوسط»، وأنها تمول «حزب الله، شريكها الاستراتيجي،» بما يعادل 200 مليون دولار سنويا، وان الحزب يقوم بدوره بنشاطات تدريبية لميليشيات عراقية في معسكرات خاصة داخل ايران وخارجها. جاء ذلك في تقرير رفعه وزير الدفاع روبرت غيتس الى الكونغرس، ما يعكس القلق الأميركي المتنامي من دور ايران في المنطقة ودعمها لمجموعات مسلحة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية وأفغانستان،. ويؤكد التقرير عن «قدرات ايران العسكرية»، أن استراتيجية طهران تقوم على عقيدة «الردع»، انطلاقا من أن الأولوية السياسية للقيادة منذ الثورة الاسلامية هي استمرار النظام» والسعي الى «أن تكون الدولة الأقوى والأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط». ويشير التقرير الى أنه «في السنوات الأخيرة تراجعت الأهداف الايديولوجية» للنظام الايراني الذي اعتمد «سياسات أكثر براغماتية»، ركيزتها حرص طهران على «ضمان تأثيرها السياسي والاقتصادي والأمني» في المنطقة، وخصوصا في العراق وأفغانستان ولبنان والأراضي الفلسطينية، من خلال تقديم «مساعدات عسكرية ضخمة لميليشيات شيعية ومتمردين أفغان وحزب الله ومجموعات فلسطينية». ولتنفيذ هذه السياسة، تستخدم ايران «الحرس الثوري الايراني وفيلق القدس لفرض قدرتها العسكرية والاقتصادية». ويشير التقرير الى أن «نشاطات الحرس تتضمن جمع معلومات استخباراتية، والقيام بأعمال ديبلوماسية سرية، وتدريب وتسليح وتوفير الدعم المادي لمجموعات ومنظمات ارهابية». ويعرض التقرير جهود ايران في المحاور الأساسية لنفوذها اقيلميا، حيث يتولى في العراق مثلا «الحرس الثوري مسؤولية تطبيق السياسة». من هنا تفسر واشنطن حرص «الحرس» و»فيلق القدس» على «تعيين سفير من صفوفهما» في بغداد، مثل السفير السابق حسن كاظمي قمي وخلفه حسن دانايي فرد الضابط السابق في «الفيلق». أما الأسلحة الأبرز التي تقدمها ايران لميليشيات عراقية فتتضمن متفجرات ذات قوة اختراق متطورة مع أجهزة تحكم لاسلكية، ومدافع هاون، وأسلحة مضادة للطيران، وصواريخ من عيار 107 و 122 ملم. ويكشف التقرير أن «الحرس الثوري الايراني وبمساعدة مدربين لبنانيين من حزب الله يدرب متمردين عراقيين داخل ايران على تكتيكات الخطف واستخدام المتفجرات» حيث يطبق عناصر الحزب «دروساً مستفادة من تجربة جنوب لبنان». أما في أفغانستان، فيقول التقرير انه في حين تدعم ايران «علنا حكومة حامد كارزاي، تقوم سراً بدعم مجموعات متمردة ومعارضة» لها. ويشير الى العثور على أسلحة مصنعة حديثا بينها صواريخ 107 ملم ايرانية قدمت الى مسلحين أفغان ومن حركة طالبان». أما في لبنان، فيصف التقرير «حزب الله» بأنه «الشريك الاستراتيجي» لايران، ويتحدث عن نشاط عناصر من «الحرس الثوري في معسكرات في لبنان حيث يشرفون على تدريب حوالى ثلاثة آلاف مقاتل أو اكثر من حزب الله». ويفيد بأن ايران تقدم ما بين 100 و 200 مليون دولار سنوياً ل «حزب الله» وأن ترسانة الحزب «تخطت نسب التسلح» التي كانت عليها في حرب تموز (يوليو) 2006. ويأتي التقرير على ذكر اعتراض اسرائيل للباخرة «فرانكوب» في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت والتي كان تنقل مئات الاطنان من الأسلحة الايرانية المرسلة الى الحزب. أما في الساحة الفلسطينية، فيقول التقرير ان دعم ايران لحركة «حماس» وفصائل اخرى حسن قدراتها على تطوير صواريخ «قسام» وأن هذه الحركات «تواصل تلقي أسلحة عبر معبر فيلادلفيا». وبالنسبة الى قوة ايران العسكرية، يشير التقرير الى أن موزانتها الدفاعية تبلغ 9.6 بليون دولار، ولديها كحد أقصى 1900 دبابة، و 900 منصة للصواريخ، ، وأكثر من 5000 مدفع هاون وحوالي 2800 سلاح مدفعي. أما قوتها البحرية، فتشمل أربع غواصات و4 سفن حربية ومئات الزوارق الحربية و32 طائرة مروحية. ويعتبر التقرير ان لدى ايران «أكبر قوة صواريخ باليستية منتشرة في الشرق الأوسط» وتقدر بحوالي 1000 صاروخ يراوح مداها بين 90 و 1200 ميل. ويكشف ان ايران تلقت مساعدة من الصين وكوريا الشمالية لتطوير هذه الصواريخ وأن بامكانها «عبر المساعدات الخارجية تطوير صواريخ باليستية قادرة على وصول الولاياتالمتحدة في 2015». من جهة أخرى أكد جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى، في جلسة استماع أمام الكونغرس، أن «الانخراط الأميركي مع سورية هدفه احداث تغييرات كبيرة» في سياستها بينها «علاقتها مع حزب الله»، ودافع عن عن سياسة الانخراط الأميركي مع دمشق، مشيرا الى أن سياسة العزلة «قوضت» تأثير واشنطن على سورية. وتحدث فيلتمان عن «المسائل المقلقة من سورية، والتي تضر بالمصالح الأميركية» مشيرا الى ان «أبرزها، (وهو) الدعم لحزب الله، وراء العقوبات المفروضة على دمشق»، والتي ستخضع للتجديد أو المراجعة أول الشهر المقبل. واضاف انه «فيما تعامل الرئيس السابق حافظ الأسد مع حزب الله كأداة ضغط على اسرائيل، يعكس دعم الرئيس بشار الأسد السياسي والعسكري غير المسبوق للمنظمة نمطا مختلفا وأكثر اثارة للقلق»، معتبرا أن سلاح «حزب الله» فيه تهديد «للبنان واسرائيل، وعائق مستمر أمام السلام في المنطقة». وذكر فيلتمان «أن لدى سورية اليوم برنامج سلاح كيماوي ولانتاج صواريخ محلية، وانها المصدر الرئيسي والقناة لعبور أسلحة لحزب الله»، مكررا قلق واشنطن من «احتمال تزويده صواريخ سكود» ما قد يؤدي الى «تصعيد في المنطقة». لكن المسؤول الاميركي لاحظ أن علاقة سورية بايران «تستند الى مصالح سياسية وليس روابط ثقافية أو اقتصادية. وكجميع الشراكات هناك اختلافات في السياسة... مثل مصلحة سورية الواضحة في التفاوض حول السلام. واستعادة الجولان». ودافع فيلتمان عن سياسة الانخراط، مشيرا الى أن «عزل سورية ورفضنا التعامل معها ديبلوماسيا قوض قدرتنا على السير بمصالحنا»، وأعطى مثالا على ذلك أحداث بيروت في أيار (مايو) 2008، وعدم حيازة واشنطن ما يكفي من الوسائل لنقل «قلقنا للسوريين لدعمهم حزب الله»، داعيا الكونغرس على الموافقة على تعيين ستيفن فورد سفيرا في دمشق. وخلص الى أنه «فقط التغييرات الحقيقية من سورية ستؤدي الى علاقة طبيعية ايجابية مع الولاياتالمتحدة»، محذرا انه «في الرد على السياسات السورية الحالية، سنكمل جهودنا مع المجتمع الدولي لتقويض قدرة سورية للحصول على تكنولوجيا لتطوير أسلحة دمار شامل ورفع الثمن الاقتصادي والسياسي لانتهاجها سياسات مزعزعة للاستقرار».