يعاني الإعلام الصومالي من أزمة طاعة. أي من عليه أن يطيع ومن يمكنه أن يعصي، مما يدل على صعوبة البيئة التي يعمل فيها. فهل يطيع أوامر الإسلاميين الأقوياء ليقي الصحافيين من شر عقابهم، أم يطيع أوامر الحكومة التي حُشرت في مناطق محدودة من العاصمة ويعصي المتمردين الذين يسيطرون على جُل أحياء مقديشو؟ وبرزت خلال الأيام الماضية إلى الواجهة بعض هذه الصعوبات التي يواجهها الإعلام الصومالي، بعدما تلقت إذاعات صومالية تتخد من مقديشو مقراً لها أوامر متناقضة صدرت من أطراف النزاع في هذ البلد الغارق في الفوضى منذ ما يقرب من عقدين. يريد الإسلاميون أن تتحلى كل الإذاعات العاملة في مناطق نفوذهم بأوامرهم الداعية إلى نبذ الأغاني والموسيقى من برامجها كافة. أما الحكومة فهي تعارض أوامر أعدائها وتعتبر أنها تتناقض مع حرية الرأي التي يضمنها الدستور. واشتد الجدل بين طرفي النزاع - الحكومة والمعارضة الإسلامية المسلحة - حول ما يجوز إذاعته وما لا يجوز بداية هذا الشهر، بخاصة عندما أمرت قيادة حزب الإسلام كل إذاعات مقديشو - وعددها 14 إذاعة - بوقف بث الموسيقى والأغاني على أساس أنها حرام شرعاً. وامتثالاً لهذا الأمر، سارعت الإذاعات كلها - باستثناء إذاعة الحكومة، وأخرى تدعى «باركولان» وهي إذاعة تموّلها الأممالمتحدة وتتمركز في داخل مقر قوات حفظ السلام الأفريقية في مقديشو - إلى اطاعة هذا الأمر حتى قبل حلول مهلة البدء في تطبيقه بيوم. ويبدو أن ما أغضب الحكومة، الهشّة أصلاً، هو امتثال الإذاعات المتمركزة داخل مناطق نفوذها المحدودة في العاصمة بأوامر أعدائها من «حزب الإسلام» و «حركة الشباب المجاهدين». وتجتمع هاتان المجموعتان على العداء للحكومة الإنتقالية المدعومة من الغرب، على رغم الاختلافات الجوهرية بينهما والتي تطوّرت أحياناً إلى مواجهات مسلّحة. وتهدد الحكومة الآن بمعاقبة الإذاعات، قائلة إنها تطبّق سياسات عدوها. واجتمعت إدارة العاصمة مقديشو يوم الثلثاء مع ممثلي أربع إذاعات محلية تتمركز في مناطق نفوذ الحكومة. وبعد نقاش حاد بين ممثلي هذه الإذاعات وإدارة العاصمة، صدرت أوامر إلى إثنتين من هذه الإذاعات بوقف البث بناء على أوامر من أكبر مسؤول أمني حكومي في العاصمة. ولكن بعد وقت قصير من هذا الأمر، أصدر وزير الإعلام الصومالي، طاهر محمود جيلي، أمراً آخر يسمح للإذاعتين ببدء العمل مجدداً، معبّراً عن أسفه للمضايقات التي يتعرض لها الإعلام الصومالي. وطلب بيان الوزير من الهيئات الأمنية إبلاغ الوزارة باجراءاتها تجاه الإعلام قبل البدء في تنفيذها. وقال الوزير: «الحكومة الصومالية ليست راضية عن لجم الإعلام، وستعمل من أجل إيجاد بيئة حرة تستطيع (وسائل الإعلام) العمل من خلالها». وذكر رئيس إذاعة «صومالي وين» (أي «الصومال الكبير») أن إذاعته عاودت بثها بعد غياب 20 دقيقة، قائلاً إن إذاعته وإذاعة أخرى تدعى «بتوسمو» («إشارة») رفضتا تنفيذ أوامر الحكومة، بينما أطاعت إذاعتان أخريان طلبها (إذاعتا «حرمو» و «صوت السلام»). وقال: «نحن حائرون بما نفعل. فكل طرف يطلب منك تنفيذ أوامره، ونحن حائرون». وفي بروكسيل (أ ف ب)، أعلنت قوة «اتالانتي» البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي أن قراصنة صوماليين استولوا صباح الأربعاء على سفينة شحن ليبيرية تشغّلها شركة يونانية وعلى متنها 21 بحاراً فيليبينياً. في غضون ذلك (رويترز)، عُثر على خمس جثث لعمال بناء مقطوعي الرأس في مقديشو. وذكر سكان انهم يشتبهون في أن يكون متشددو «حركة الشباب» قد أعدموا عمّال البناء لمشاركتهم في بناء مقر جديد للبرلمان الصومالي الذي يعتبره المتمردون معقلاً لعملاء الغرب. وقال أحد السكان ل «رويترز» وعرّف نفسه باسم «علي» فقط خوفاً من عمليات الانتقام: «رأينا خمسة رجال مقطوعي الرأس. كانت جثثهم مغطاة ببعض الرمال باستثناء أرجلهم».